الدكتور محمد زين الدين: مشاريع القوانين تبعث برسائل إيجابية للمواطنين للقيام بمصالحة مع صناديق الاقتراع

الصحراء المغربية
الأربعاء 17 فبراير 2021 - 11:23

قال الدكتور محمد زين الدين أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء، إن مشاريع القوانين التنظيمية التي صادق عليها المجلس الوزاري تهدف إلى تهيئ الاستعدادات للانتخابات المقبلة، بما يمكن من تأطير قانوني ودستوري مواكب لطبيعة المرحلة الحالية، وبما يمكن كذلك من تجاوز الاختلالات والنواقص، التي اعترت التجربة الانتخابية السابقة.

وأضاف زين الدين، في حوار مع "الصحراء المغربية"، أن الدولة تهدف من وراء هذه المشاريع إلى القيام بمصالحة بينها وبين المواطنين، من خلال تفعيل مجموعة من الإجراءات، تبعث بها رسائل إيجابية للمواطنين، وتصب جميعها في اتجاه القيام بمصالحة مع صناديق الاقتراع.
وأكد أن الرهان اليوم معقود على كيفية الرفع من نسبة المشاركة وتحفيز الناخبين على التوجه إلى صناديق الاقتراع، خصوصا مع وجود التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لجائحة كورونا، وارتفاع نسبة البطالة.
ولم يستبعد الدكتور زين الدين أن تتأثر الاستحقاقات المقبلة بالتداعيات الاجتماعية والاقتصادية لجائحة كورونا، وكذا بعجز الأحزاب السياسية عن تقديم عرض سياسي مغري، بحيث لا يوجد تجديد على مستوى النخب، وخلق برامج حزبية واضحة المعالم، إضافة إلى غياب رؤية في مواكبة الأحداث.
 


**ما هي قراءتكم لمصادقة المجلس الوزاري على أربعة مشاريع قوانين تنظيمية مؤطرة للانتخابات المقبلة؟

- الهدف من القوانين التنظيمية الأربعة تهيئ الاستعدادات للانتخابات المقبلة، بما يمكن من تأطير قانوني ودستوري مواكب لطبيعة المرحلة الحالية، وبما يمكن كذلك من تجاوز الاختلالات والنواقص التي اعترت التجربة الانتخابية السابقة.
وتسعى هذه القوانين، من جهة، إلى إعطاء أهمية كبيرة للجهة باعتبار أن لها مكانة دستورية وسياسية مهمة، وبالتالي تم نقل العديد من النخب السياسية إلى الجهات، خصوصا بالنسبة للشباب والنساء، إذ إن ثلث مقاعد المجالس ستكون للنساء، وهذا سيشكل مكسبا ديموقراطيا مهما جدا، ويحقق الرفع من نسبة تمثيلية النساء باعتبارها مطلبا ديموقراطيا ومجتمعيا وحقوقيا لدى الجمعيات النسوية، وفيه كذلك إعمال لمقتضيات الفصل التاسع عشر من الدستور المغربي الذي يتحدث عن إيجاد تمثيلية عادلة ومتوازنة بالنسبة للمرأة في أفق تحقيق المناصفة.
من جهة ثانية، تم تسجيل نقل آخر مهم جدا للشباب لهذه المجالس، بهدف تتبع المسارات السياسية للنخب الشبابية، لأن التجربة السابقة أبانت أن ولوج الشباب للبرلمان بمجرد انتهاء الولاية التشريعية، تضيع هذه التجربة، في حين أن الإبقاء عليه داخل المجالس الجهوية ومجالس العمالات والأقاليم أو المجالس الجماعية، من شأنه أن يعطي دفعة قوية، لتحقيق الأوراش التنموية، وعملية تجديد النخب السياسية على المستوى المحلي والجهوي، وهذا ينسجم كل الانسجام مع تفعيل ورش الجهوية المتقدمة.

**ما هي أبرز القوانين التي جاءت ضمن هذه المشاريع لتطوير قواعد النظام الانتخابي؟

- القوانين هي مؤطرة للانتخابات المقبلة، وتسعى كذلك إلى تجاوز الاختلالات، فمثلا مسألة حالة التنافي، بحيث لا يحق لأعضاء المجلس الجماعي الذي يفوق عدد سكانه 300 ألف نسمة، أن يتقدموا كنواب برلمانيين، في إشارة للمدن الكبرى التي فيها نموذج المجلس الجماعي كالدارالبيضاء، ومراكش، وفاس، والرباط.
ففي الدارالبيضاء هناك مشكل عدم التفرغ، بحيث تجد رئيس المجلس الجماعي نائبا برلمانيا، وهو أمر غير ممكن.
هذا الإجراء له أبعاد متعددة، أولا، سيجعل رئيس المجلس الجماعي يتفرغ لعمله، لأننا مقبلون على أوراش جهوية تنموية مهيكلة، وثانيا سينشط الحراك السياسي، وبالتالي لن تظل فئة معينة تستحوذ على كل شيء، ولها مهام متعددة، وسيكون كل مسؤول له جانب اشتغال معين.
أما البعد الثالث، فيرتبط بالمطلب الشعبي، الذي يستنكر حصول فئة معينة على مناصب كثيرة وتعويضات متعددة، ولا تؤدي أي مهام، وهذا الجانب حاضر بدوره بقوة.
كما أن الدولة تهدف من وراء هذا الإجراء إلى القيام بمصالحة بينها وبين المواطنين، من خلال تفعيل مثل هذه الإجراءات، التي تبعث بها رسائل إيجابية حتى يلتقطها المواطنون، لأنها تصب في اتجاه القيام بمصالحة مع صناديق الاقتراع، خصوصا حالة التنافي التي كانت مطلبا شعبيا، لأن تعدد المهام هو ضرب لمبدأ المساواة، ويحرم فئات أخرى ومواطنين آخرين من تحمل المسؤولية.

**ما هي قراءتكم لمشروع مراجعة عدد الجماعات الخاضعة لنمط الاقتراع باللائحة؟

- من أبرز القوانين، أيضا، توسيع دائرة نمط الاقتراع الأحادي الاسمي، وتقليص الاقتراع باللائحة الذي سيظل في المدن الكبرى، وبالتالي سيجري مراجعة عدد الجماعات الخاضعة لنمط الاقتراع باللائحة، من خلال الرفع من عدد السكان المطلوب لتطبيق نمط الاقتراع المذكور من 35 ألفا إلى 50 ألف نسمة، وهذا أمر له أسباب متعددة.
فهذا الإجراء يهدف إلى إذكاء ثقافة القرب "ولد الدرب"، بمعنى أن التصويت يكون على شخص تعرفه، وهذا الأمر سيلعب دورا كبيرا، وهي مبادرة تفضي في عمقها إلى الرفع من حجم المشاركة السياسية. 
الرهان اليوم معقود على كيفية الرفع من المشاركة، فإذا كانت لدينا دائرة انتخابية صغيرة، سيسهل على المرشح ضبطها، وأن يؤثر على الناخبين للتوجه إلى صناديق الاقتراع، وهذا في حد ذاته آلية ستحرك نوعا ما المشاركة السياسية. 
صحيح أن الاقتراع الأحادي الاسمي لديه إيجابيات، من خلال القيام بأدواره الأساسية للجماعة الترابية، خدمات القرب، الخدمات الاجتماعية، ولكن في الوقت نفسه لديه سلبيات، من خلال إمكانية سهولة الارتشاء، وسيطرة منطق الأعيان، والعودة إلى مجموعة من الممارسات السلبية.
نعم، الاقتراع باللائحة يركز على البرامج الحزبية والرؤى السياسية، لكن منذ 1997 إلى الآن هل استغلت الأحزاب السياسية نمط اللائحة؟، في نظري لم يتم استغلاله، بل بالعكس أفرغ نمط اللائحة في إطار نمط الاقتراع الأحادي الاسمي.
في الأدبيات الدستورية، أي نمط اقتراع فيه الإيجابي والسلبي، ولا يوجد نمط نموذجي مثالي. 
أعتقد أنه بهذه العملية ستحدث ديناميكية وحركية في الفعل الانتخابي، وثبت ذلك عن طريق التجربة، فعندما يكون لدينا اقتراع أحادي اسمي، يسود منطق "ولد الدرب" في دائرة انتخابية صغيرة، وبالتالي من الضروري أن يؤثر في الناخبين، الذين سيدعمونه في صناديق الاقتراع، ليس حبا في حزب ما، ولكن من أجل مرشح يعرفونه، وبالتالي سنربح هاجس الرفع من نسبة المشاركة، وهي آلية من ضمن آليات أخرى لتحفيز الناخبين على التوجه إلى صناديق الاقتراع، خصوصا مع وجود التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لجائحة كورونا، وارتفاع نسبة البطالة.

**هل من الممكن أن تتأثر الانتخابات بتداعيات الجائحة؟

- من الأكيد أنها ستتأثر بالتداعيات الاجتماعية والاقتصادية، وستتأثر، أيضا، بعجز الأحزاب السياسية عن تقديم عرض سياسي مغري، بحيث لا يوجد تجديد على مستوى النخب، وخلق برامج حزبية واضحة المعالم، إضافة إلى غياب رؤية في مواكبة الأحداث، فمثلا في حدثين سجلنا غياب الأحزاب السياسية، الأول، خلال صياغة والمشاركة في النموذج التنموي، والثاني مرتبط بتداعيات الجائحة، بحيث لم تكن هناك قوة اقتراحية، وتأطير، وتمثيل. هذه العوامل، إلى جانب أعطاب البيت الحزبي، ستؤثر جميعها على المشاركة السياسية، وبالتالي فالدولة تحدث آليات حتى يتسنى لها من الرفع المشاركة السياسية.
تضم الترسانة القانونية التي جرت المصادقة عليها جانبا آخر، يتعلق بمشروع قانون تنظيمي بتغيير القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية، وهذا الشق متعلق بالرفع من الدعم المخصص للأحزاب السياسية، وتخصيص جزء منه لتمويل مراكز التفكير والتحليل والابتكار، التي تحدث عنها جلالة الملك في خطاب سابق، وطالب جلالته الأحزاب السياسية بخلق مراكز تفكير، تقوم بعملية استقطاب للأطر، لكن على مستوى الفعل نجد أحزابا قليلة قامت بهذا الأمر.
من المفروض أن الأحزاب هي التي تقوم بالتأطير والتمثيل، كما تمثل قوة اقتراحية، وتمثل مصدرا للدولة للحصول على الأفكار، والمشاريع، والتصورات، وإغناء النقاش والسياسات العمومية.

**كيف تسير عملية التحضير للانتخابات العامة المقبلة ببلادنا، خصوصا أن بعض الأحزاب تقول إن هناك نوعا من التأخير في ما يخص إخراج القوانين المؤطرة وتحديد موعد إجرائها؟

- أعتقد أن وزارة الداخلية لديها تجربة وحنكة وممارسة ميدانية احترافية وخبرة في هذا الجانب، فالداخلية أطرت استحقاقات متعددة في سنة 2011، من خلال الاستفتاء على الدستور، وتنظيم الانتخابات في ظرف قياسي، وفي ظرفية صعبة.
ليس لدينا مشكل على مستوى الإعداد اللوجستيكي، فوزارة الداخلية لديها كفاءات كبيرة في هذا المجال، وبالتالي فتدبير المجال الزمني لا يطرح مشكلا، وكذلك تدبير التوافقات السياسية لن يطرح مشكلا، لأنه في نهاية المطاف ستكون توافقات ما بين الأحزاب السياسية أغلبية ومعارضة على كل النقط التي فيها خلاف.
هناك نقطة تثير انتباهي وهي وجود حيز زمني ضئيل في ما يتعلق بانتخابات المجالس الجماعية في علاقتها بالغرفة الثانية، لأن جانبا كبيرا من الجماعات الترابية تكون ممثلة داخل الغرفة الثانية.

**هل سيكون للإجراءات الجديدة انعكاس إيجابي على أداء مجلس المستشارين؟

- من بين المستجدات كذلك أن القانون أعطى للهيئات المهنية الأكثر تمثيلية بأن تشكل فريقا كاملا بمجلس المستشارين، وهي مسألة عادية جدا، لأن الهيئات السوسيو-اقتصادية، تلعب أدوارا طلائعية على مستوى التنمية الاقتصادية، وبالتالي لديها أدوار طلائعية للغاية. 
فالمشرع حينما وضع دستور 2011، في ما يتعلق بالغرفة الثانية، وضعه بالأساس لهدفين أساسين، الأول، تفعيل ورش الجهوية المتقدمة، وتفعيل السياسة المجالية الترابية بشكل عام، والثاني، هدف تنموي اقتصادي اجتماعي، وبالتالي تم تدارك النواقص والاختلالات، التي شهدناها في التجربة السابقة، حيث إن النص الحالي يقول الآن إن الباطرونا يجب أن تكون ممثلة بكيفية كبيرة للغاية، وربطها بما يجري داخل هذه الهيئات المهنية.
فالمجلس الإداري المنعقد أخيرا، للاتحاد العام لمقاولات المغرب، أقر بمنع الأحزاب السياسية من أن تكون ممثلة داخل المجلس الإداري للباطرونا، وبالتالي تمكين الباطرونا من الدفاع عن نفسها بنفسها دون إيتيكيت سياسية.




تابعونا على فيسبوك