عبد العزيز شقروف: العملية تمر في ظروف جيدة وتتوفر على جميع شروط المحاكمة العادلة

المحكمة الزجرية بالدارالبيضاء ...قاعات مجهزة ومحاكمات إلكترونية لإنجاح عملية التقاضي عن بعد

الصحراء المغربية
الثلاثاء 05 ماي 2020 - 17:07
تصوير: حسن السرادني

كانت قاعة الجلسات المخصصة للنظر في القضايا الجنحية بالمحكمة الزجرية الابتدائية بالدارالبيضاء، أول أمس الاثنين، شبه فارغة إلا من الهيئة القضائية والعون القضائي وشاشة تلفاز كبيرة معلقة على أحد جدران هذه القاعة، ووسائل تقنية أخرى منها جهاز حاسوب مثبت أمام رئيس الجلسة.

هكذا أصبح شكل قاعات الجلسات في ظل تفشي جائحة كورونا حيث اتخذت وزارة العدل قرارا بتطبيق عملية التقاضي عن بعد حماية للقضاة والمحامين وكتاب الضبط والسجناء من هذه الجائحة التي وصلت قبل مدة قصيرة إلى بعض السجون المغربية.

تنطلق الجلسة التي غاب عنها المتهمون جسديا لكنهم حضروها عبر التواصل عن بعد ومن خلال جهاز الحاسوب في توقيتها المحدد، حيث يتم ربط الاتصال بالسجن المحلي عين السبع "عكاشة"، الذي خصصت فيه بدوره قاعة كبرى لإجراء هذه المحاكمات عن بعد، إذ يجري إحضار السجين، وعن طريق تقنية "فيزيكونفيرنس" يشرع قاضي الحكم في استجوابه بعد أخذ موافقته برغبته في محاكمته عن بعد.

كان رئيس الجلسة حريصا على تلقي جواب عن سؤاله المتعلق بمدى رغبة المتهم في إجراء المحاكمة عن بعد، وهو ما كان يتلقى الإجابة عنه بالتأكيد.

وفي جو هادئ وبارتياح من السجين وأيضا الهيئة القضائية ودفاع المتهم تسري هذه المحاكمة التي استدعتها جائحة "كوفيد 19"، وما أسقطته من ضحايا من بينهم نزلاء وموظفو مؤسسات سجنية، ومحامون وقضاة، ليكون الغرض الأول منها هو الحفاظ على صحة كل العاملين في المجال، وحمايتهم من أي انتقال أو عدوى للفيروس.

بعد إبداء رغبته، تنطلق عملية المحاكمة عن بعد والتي دخلت حيز التنفيذ بهذه المحكمة على غرار باقي محاكم المملكة، ومع كل سؤال وفي كل ملف من الملفات التي نظرت فيها الهيئة القضائية، كان رئيس الجلسة يحرص على تلقي الجواب بل لا يمل من تكراره أكثر من مرة حتى يتمكن من إسماع المتهم وسماع إجابته.

إلى جانبه، كاتب الضبط الذي حرص بدوره على تدوين كل ما راج في الجلسة، بدءا من التأكد من هوية المتهم، إلى قبوله بإجراء محاكمته عن بعد، إلى باقي الإجراءات، كما هي منصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية، بالمقابل حرص ممثل النيابة العامة على ذلك أيضا حين يتعلق الأمر بطرحه للأسئلة على المتهم أو تسجيل تعقيباته أو اعتراضاته أو إلقائه للمرافعة.

المحامون الذين حضر بعضهم لتتبع ملفات موكليهم، ملتزمون بإجراءات الوقاية خاصة ارتداء الكمامة الواقية، فكان على غرار الجلسات الجنحية، حضورهم بارز سواء من خلال طرح أسئلة على المتهمين، أو الترافع لأجلهم، مؤكدين في كل مرة على جودة خطوط التواصل خلال بعض الانقطاعات التي كان يتم إصلاحها في الحين من قبل تقنيين، جرى وضعهم لهذا الغرض سواء داخل المحكمة أو في السجن.

وعن هذه المحاكمات الرقمية، قال عبد العزيز شقروف، رئيس المحكمة الابتدائية الزجرية -عين السبع بالدارالبيضاء، إن السلطة القضائية وبجميع مكوناتها عملت على تنزيل تجربة التقاضي عن بعد مع اتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية والوقائية لتفادي انتقال عدوى فيروس كورونا المستجد، مستحضرة الصحة والسلامة لجميع المتدخلين في عملية المحاكمات عن بعد.

وأضاف رئيس المحكمة الزجرية أن انخراط السلطة القضائية يأتي في إطار ما اتخذته السلطات العمومية من خطوات استباقية في ظل الظروف الصعبة التي تمر منها بلادنا جراء تفشي وباء كورونا، منها حالة الطوارئ الصحية والحجر الصحي.

وتحدث رئيس المحكمة، أيضا، عن جميع دوريات مصطفى فارس، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى جميع محاكم المملكة بخصوص تطبيق عملية التقاضي عن بعد، موضحا أن المحكمة عن بعد تعتمد تقنية متطورة عبر الاتصال السمعي البصري بين السجين، الذي يكون في فضاء مخصص ومجهز بالسجن لهذا الغرض، وبين الجلسة العلنية التي تكون منعقدة بالمحكمة وبحضور محاميه عند الاقتضاء.

وقال عبد العزيز شقروف إن كل المحاكمات التي عاشتها رحاب المحكمة الزجرية منذ انطلاق هذه العملية، مرت في ظروف جيدة، وتوفرت فيها كل الشروط المتطلبة في المحاكمات العادلة، بل ولقيت نجاحا كبيرا بكل المقاييس ولاقت استحسانا من جميع الفاعلين القانونيين والحقوقيين، منهم هيئة المحامين بالدارالبيضاء، مؤكدا انخراطها في العملية بحماس كبير وصفه بـ "منقطع النظير" لإنجاح التجربة التي قال عنها "لا نسعى من خلالها إلا حماية السجناء وباقي المتدخلين في عملية المحاكمة عن بعد من عدوى هذا الفيروس الخطير".

واعتبر رئيس هذه المحكمة أن "التجربة تتويج لما راكمته المحكمة الزجرية بالبيضاء من تجارب على مستوى رقمنة جميع الإجراءات وتفعيل كافة التطبيقات الرقمية المتاحة بالشكل الذي يضمن النجاعة والسرعة والجودة العالية في الإنجاز، وكل ذلك من أجل عدالة في خدمة المواطن".

ولم يخف عبد العزيز شقروف أن المحاكمة عن بعد "أعطت تصورا إيجابيا وطموحا لتنزيل محكمة رقمية بجميع المواصفات المتطلبة لذلك مستقبلا، متى توفرت الإمكانات الضرورية".

وكشف رئيس محكمة القطب الجنحي أن عملية التقاضي عن بعد، رفعت من معدل النظر في ملفات القضايا الزجرية، قائلا "قبل الوباء، كانت هذه الجلسة تمر بها أربع جلسات تلبسية في إطار المعتقلين، وبعد الوباء وتجهيز القاعات بالوسائل التقنية لعملية التقاضي عن بعد، حيث جهزت قاعتان بالمحكمة الزجرية، ومثلها قاعتان بالسجن المحلي مرتبطتان بقاعتي المحكمة، أصبحت تمر بها ثلاث جلسات، جلستان للتقاضي عن بعد – تلبسي -وجلسة للسجناء الذين يحالون على المحكمة في إطار الحالة الفورية".

وأكد رئيس المحكمة الزجرية الابتدائية أن عملية التقاضي عن بعد، تمر حاليا في ظروف جيدة، وتتوفر على جميع شروط المحاكمة العادلة، واستحسنها جميع المتدخلين.

تصوير: حسن السرادني




تابعونا على فيسبوك