رئيس جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض

عبد الرحيم الكسيري: النموذج التنموي الجديد يجب أن تطبعه الاستدامة والإندماج

الصحراء المغربية
الثلاثاء 29 أكتوبر 2019 - 14:48

قال عبد الرحيم الكسيري، رئيس جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض بالمغرب، إن "النموذج التنموي الجديد، يجب أن تطبعه الاستدامة، وألا تكون جميع الاختيارات مؤقتة، ولا مرتبطة بزمن سياسي أو إداري محدد، بل يجب أن ترتبط بزمن الجيل الحالي، وزمن الأجيال المستقبلية، مؤكدا في حوار مع "الصحراء المغربية" أن شرط الاستدامة أساسي وكذلك شرط الإندماج، وأن تكون لديه رؤية واضحة تساعد على رفع الطموح وتوجيه السياسيات، وأن تضع المؤسسات مسبقا النتائج التي تتطلع للوصول لها، وتقييمها ومعرفة آثارها على المواطنين خاصة الشباب".

 * في إطار الاستعدادات الجارية، لإقرار نموذج تنموي جديد، ما هي برأيكم المحاور التي يجب اعتمادها لبلورة نموذج يتسم بالفعالية والجدية؟

 

بالفعل المغرب على أبواب إقرار النموذج التنموي الجديد، ومن المفروض ألا يتم ذلك عن طريق عمل متدرج، كما كان في السابق، بل لابد من أن يكون عملا مستداما، وألا تكون جميع الاختيارات مؤقتة، وأنلا تكون مرتبطة بزمن سياسي، أو بزمن إداري محدد، بل يجب أن يعتبر الزمن زمن الجيل الحالي، وزمن الأجيال المستقبلية، بمعنى أن شرط الاستدامة أساسي، وكذلك شرط الإندماج، بالنسبة لجميع الفئات المجتمعية، حيث لا يمكن أن نستمر كمجموعة من المجتمعات التي تعيش بدون امتزاج في ما بينها، وبدون تفاعل وبدون عيش مشترك، لأن ما يربطنا هو العيش المشترك، وبالتالي فمجهودات كبيرة يجب أن تتم حتى يكون التضامن، بين مختلف الفئات المجتمعية قويا، وحتى لا تظل الفئات المستضعفة، تعيش فوارق اجتماعية صارخة، وألا تزداد المسافة بين الفئات الأكثر فقرا والأكثر غنى، هذا ما يجب أن يشتغل عليه النموذج التنموي الجديد، إلى جانب ذلك، هناك العمل على الموارد الطبيعية، التي تعتبر من المحددات الأساسية التي يجب أن نستفيد منها، وذلك من خلال موقعنا الجغرافي والإستراتيجي، ومن خلال التنوع التضاريسي والتنوع البيئي، هذا عوض أن نعطي الأسبقية فقط، لمشاريع اقتصادية مؤقتة وذات تأثيرات سلبية كبيرة على الموارد الطبيعية والمائية، وعلى المنظومات الغابوية وعلى المنظومات البحرية والمناطق الرطبة، فضلا عن ذلك، يجب أن يضمن النموذج التنموي الجديد مناصب شغل فعلية قارة ومقبولة، في ظروف تحفظ كرامة الذين يتشغلون فيها، وتضمن الهدف النهائي المتمثل في حصول جميع المواطنين على حقوقهم المنصوص عليها في الدستور، من سكن وماء ونقل، هذا دون أن نذهب للنموذج الرأسمالي، الذي يجعل من جميع المواطنات والمواطنين وجميع الفاعلين يلهثون وراء المكاسب الكبيرة جدا، ووراء نموذج يستنزف الموارد، ويجعل جزءا من المواطنين يستعبد من طرف الجزء الآخر، بشكل آو بأخر، سواء بطرق مباشرة وغير مباشرة، باعتبار أن شرط العيش المشترك والبحث عن العيش الكريم ضروريان، بالإضافة إلى ذلك، هناك الاستعمال الرشيد والعقلاني للموارد الطبيعية، هذه الأشياء تسهل اندماج جميع الفئات المجتمعية في نموذج يضمن الاستقرار، والسلم الاجتماعي ويضمن العلاقات الإنسانية.

 

* ما هي الأليات التي يجب الاعتماد عليها للانتقال إلى النموذج الجديد؟

 

بالنسبة للآليات، توجد آليات مؤسساتية، وأخرى قانونية وآليات خاصة بطريقة التدبير والحكامة، وتوجد أيضا آليات ثقافية وتربوية، وآليات مالية وضريبية وهذه كلها آليات أساسية، للانتقال إلى النموذج التنموي الجديد، لكن يجب أن تكون في إطار انسجام، لأن هذا الانتقال يجب أن تكون له رؤية واضحة، وأن نبني رؤية على المستوى الوطني، وعلى مستوى كل جهة، وكل مدينة ومنطقة ترابية، ويجب معرفة أهدافها ونتائجها، فهذه الرؤية هي من تساعد على رفع الطموح وتوجيه السياسات، وهي من يعطي الوضوح لجميع المتدخلين الاقتصاديين، والاجتماعيين والمثقفين والسياسيين حتى يصبح لدى الكل رؤية إلى أين يريد أن يتوجه، وعندما نضع رؤية يجب أن نضع أيضا، النتائج التي نريد الوصول إليها، وقبل كل هذه الأشياء، يجب أن تكون لدينا استراتيجيات من مثل كيف نصل إلى هذه الرؤية، لأنه توجد بعض المؤسسات التي تعتبر طريقة اشتغالها لا تحفز على التقدم، عكس ما يجري في بعض الدول الإفريقية، كرواندا مثلا، أو الأسيوية التي حققت قفرة نوعية، لأنها تقيم عمل مؤسساتها، وتعرف من هي المؤسسات الفاعلة، وكيف يمكن أن تكون التركيبة الهندسية المؤسساتية، إلى جانب ذلك، لدينا بعض القوانين التي لا تطبق وأخرى غير قابلة للتطبيق، وبالتالي يجب أن نشتغل على وضع دراسة على كيفية تأثير هذه القوانين، وعلى تقييم القوانين سنتين بعد وضعها، ومدى تأثيرها وتفعيلها، ويجب على الآلة البرلمانية أن تشتغل بطرق أخرى، ويجب أن تكون هي أيضا مطالبة بإعطاء النتائج، لا أن تبلور قوانين فقط، الشيء نفسه، بالنسبة للمؤسسات، فكل واحدة يجب أن تكون لديها مسبقا النتائج التي تتطلع للوصول إليها وتقييمها وآثارها على المواطنين خاصة الشباب.

 

* ماهي البرامج التي سيتم الاشتغال عليها لتحقيق النموذج التنموي الجديد؟

 

في الحقيقة هي برامج تدريجية واضحة، فبالنسبة للآليات ومقاربات العمل، هذه مهمة تتمثل أولا في الرؤية وفي طريقة العمل والتدبير، وفي المواكبات الثقافية والتربوية، لأن أهم عامل يحد من ولوجنا للنموذج، إلى جانب أن طريقة ثقافتنا التي تأسست، على أساس أن كل واحد يشتغل منعزلا، وأن كل واحد يرفض التقييم، سواء التقييم الفردي أو الجماعي أو المؤسساتي، بما فيهم الفاعلون، سواء كان الفاعل مدرسا، أو موظفا، أو أي شخص يشتغل على منظومات بيئية أو موارد طبيعية، لكن يجب تقييم عمله، والتقييم يجب أن يصبح ألية عادية، وإذا كان التقييم جيدا، فالمحاسبة تصبح سهلة، وإذا كان التقييم غير جيد، تصبح المسألة معقدة ويصبح الخوف منها إشكالية كبيرة.




تابعونا على فيسبوك