تشدد الفاعلة النسائية، نجاة إيخيش، رئيسة "مؤسسة يطو لإيواء وإعادة تأهيل النساء ضحايا العنف"، على عدم تذويب قضايا المرأة في النضال الديمقراطي العام، معتبرة أن لهذه المسألة أولويتها الخاصة. كما ترى ضرورة إشراك الشباب في صيرورة النضال من أجل المساواة، كموضو
وتعتبر إخيش أن هناك أمورا مازالت ناقصة في مدونة الأسرة، إذ ما زال فيها تناقض بين روح المدونة وديباجتها. وفي ما يخص تمديد العمل بمقتضيات المادة 16، المتعلقة بثبوت الزوجية، تتحدث إخيش عن تنسيق بين عشر جمعيات نسائية، يتضمن برنامجا نضاليا، من خلال حملة إعلامية، ونقاش مع الجهات المعنية، وإذا اقتضى الأمر، تنظيم وقفات احتجاجية أمام المؤسسات المعنية.
- محاولة تذويب النضال النسائي في النضال الديمقراطي العام، دون الأخذ في الاعتبار خصوصياته والميز، الذي تعانيه المرأة، ستبقى دائما قائمة، لأن المسألة فيها عقليات، وتخص هذا الكائن، الذي هو المرأة، التي، بدل أن نقول لها أنت حرة في تقرير مصيرك، نقول لها انتظري حتى نحل المشاكل الأخرى للمجتمع.
إن نضال المرأة يوجد في قلب جميع النضالات، وفي قلب الديمقراطية، والذين يريدون عزله عن النضال من أجل الديمقراطية، يرتكبون خطأ فادحا، ومن يريد أن يجعله نضالا نسائيا، يرتكب، أيضا، خطأ فادحا، بمعنى أنه يجب أن يكون بشكل متواز مع النضال الديمقراطي، فالمساواة بين الرجل والمرأة هي بعد النضال الديمقراطي، وليس تذويب هذا النضال في موضوع الديمقراطية.
* تركز جمعيتكم، وجمعيات أخرى مماثلة، على العمل من أجل تحسين الظروف المعيشية للنساء، وهذا أمر إيجابي، إلا أن مشكل التمييز ضد المرأة يبقى أعمق من ذلك، لارتباطه بمنظومة فكرية وثقافية راسخة، مستمدة، في جوانب منها، من تأويل خاص للنصوص الدينية، ويعاد إنتاج هذه الثقافة في الأسرة والمدرسة، والشارع، ووسائل الإعلام، فهل تعمل جمعيتكم على هذه الواجهة، من أجل المساهمة في بناء قيم المساواة بين الجنسين؟
- أول شيء هو العمل على تغيير العقليات، التي تقصي المرأة عن دورها الكامل في المجتمع كمواطنة. ونعمل، أولا، بين فئة الشباب، لأنه إذا لم نستطع أن نربيهم على قيم المساواة، وحقوق الإنسان، والديمقراطية، فسنقصي دينامو المجتمع، وفي الأخير، سنحصد نتائج سلبية.
وهناك الرجال أيضا، إذ لا يجب إقصاؤهم من صيرورة هذا النضال من أجل المساواة، ومن أجل الحداثة، بمعنى أن الرجال أنفسهم يجري إدراجهم في هذا النضال، لأن هناك رجالا يؤمنون بالمساواة أكثر من بعض النساء، اللواتي تولدت لديهن قناعة، نتيجة الصيرورة التاريخية، التي تربين فيها، بأنهن كائنات لا حول لها ولا قوة. ونعمل على تغيير هذه العقليات، على جميع المستويات.
* يخوض العديد من الجمعيات النسائية والحقوقية نضالات جديدة من أجل تمديد العمل بمقتضيات المادة 16 من مدونة الأسرة، المتعلقة بثبوت الزوجية، ما هي مبادرات "مؤسسة يطو" في هذه المحطة الجديدة من النضال؟
- نظمت "مؤسسة يطو"، قافلة إلى إقليم أزيلال سنة 2008 ، إذ ما زال الزواج هناك يجري بالفاتحة، أي دون توثيق، ولهذه المسألة انعكاسات على حقوق النساء والأطفال، فالأغلبية الساحقة، إن لم نقل جميع أطفال المنطقة، يتوقفون عن الدراسة عند مستوى السادس ابتدائي، لأن ولوج امتحان السادس يقتضي من التلميذ توفره على عقد الازدياد، وأن يكون مسجلا في الحالة المدنية.
أما على مستوى حقوق النساء، فالمشكل الرئيسي هو زواجهن بالفاتحة، وبالتالي، تطليقهن شفويا، بما يعني أن هناك غيابا تاما لتطبيق مدونة الأسرة، رغم جهود المنظمات النسائية لتطبيق المدونة في جميع أنحاء البلاد،. ففي منطقة أزيلال، كما في إيملشيل، ومناطق أخرى بالعالم القروي، وحتى في بعض مناطق العالم الحضري، نجد، مع الأسف، غيابا شبه تام لتطبيق المدونة، وهذه المسألة تجري على مرأى ومسمع الجميع، من سلطات محلية ومنتخبين، وأحيانا، حتى بعض مكونات المجتمع المدني.
ونستغرب لعدم وجود أي تحرك يقول: كفى، هناك مغرب واحد، وليس مغرب متحضر، ومغرب يعيش في القرون الوسطى. وما دام الرجل يتزوج بالفاتحة، ويطلق بالشفوي، ما يسمح له بتعدد الزوجات، فحقوق الزوجة تهضم، ويضيع الأطفال، عندما يموت الزوج، وتحرم الزوجة من الإرث.
وعند وقوفنا على هذه الحقائق، أنجزنا تقريرا في الموضوع، ووجهنا مذكرة إلى الجهات المسؤولة، للتدخل لوضع حد لهذا المشكل الخطير. وجهنا المذكرة إلى وزارتي الداخلية، والعدل، وإلى المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وإلى كل المعنيين بالأمر. وبعد ذلك، ارتأينا أن ننظم حملات لتوثيق عقود الزواج، إذ عرفت الحملة الأولى مشاركة فعالة للسلطات المحلية، وبعض المنتخبين في بعض الجماعات، وخرجنا بقرار، أن على كل الجمعيات النسائية والحقوقية التدخل في هذا المجال، وأن ترفع هذا المطلب، وتضغط لتمديد العمل بالمادة 16، خاصة أن في إقليم أزيلال 10 آلاف حالة مجمدة منذ وقف العمل بالمادة 16، في فبراير 2009.
يجب ألا ننسى أن من بين الأسباب، التي منعت سكان المنطقة من إنجاز إجراءات ثبوت الزوجية، قبل انتهاء الآجال المحددة، هناك الظروف الطبيعية والمناخية للمنطقة.
ودعونا لتنسيق، شاركت فيه عشر جمعيات نسائية، وخرجنا بلجنة متابعة، ومذكرة مطلبية، وجهناها إلى الديوان الملكي، ووزارات الداخلية، والعدل، والتنمية الاجتماعية، ومجلس المستشارين، والآن، ننجز برنامجا نضاليا، ضمنه حملة إعلامية، ثم إجراء نقاش مع الجهات المعنية، وإذا اقتضى الأمر، سننظم وقفات احتجاج أمام المؤسسات المعنية مباشرة بهذا المشكل، مثل البرلمان، والأمانة العامة للحكومة.
* أي دور تلعبه مؤسسة يطو في تصحيح الصورة المغلوطة عن مدونة الأسرة، بأنها "غلّبت" النساء على الرجال؟
- أينما حللنا وارتحلنا، في مؤسسة يطو، نخوض نقاشا حول هذا الموضوع، لأن عدم فهم المدونة يسهل، فعلا، ترويج مجموعة من الإشاعات حولها، وبالتالي، تخلق قناعة، حتى عند بعض النساء أنفسهن، وليس فقط الرجال، أن المدونة لا تتماشى مع مجتمعنا، ومع ثقافتنا، ويجب ألا ننسى أنه، على مستوى التعليم والجهاز القضائي، ليس هناك اشتغال في هذا الاتجاه.
* ترى المنظمات النسائية أن المدونة لم تحقق المساواة الحقيقية للنساء، ما هي، في نظركم، التعديلات العاجلة المطلوبة على المدونة؟
- هناك تعدد الزوجات، أولا، إذ مازال بعض الأشخاص يلعبون على بعض الصيغ، لأن التقارير، التي صدرت عن بعض الجمعيات النسائية، تؤكد أن المدونة تقول إن التعدد ليس هو القاعدة، ثم هناك زواج القاصرات، الذي ما زال قائما، وهناك تزويج الفتيات غير القاصرات. وهناك بعض الأشياء مازالت ناقصة عندنا في المدونة، لتكون هناك مساواة، مثل توزيع الممتلكات، إذ هناك جوانب ما زال فيها تناقض بين روح المدونة وديباجتها.
* تتطلع الجمعيات النسائية والحقوقية إلى صدور مشروع قانون حول تجريم العنف الزوجي، ماذا عملت مؤسسة يطو في هذا الاتجاه؟
- نحن، في "مؤسسة يطو"، لا نريد تعدد مجالات تدخلنا، ثم هناك جمعيات نسائية تعمل حول ملف العنف الزوجي. وطريقة عملنا في المؤسسة هي أنه مادامت هناك جمعيات تشتغل على هذا الملف، فنحن لا نؤمن بالتنافسية، بل بالتكامل.
ونعمل، حاليا، على تمديد العمل بمقتضيات المادة 16، المتعلقة بثبوت الزوجية، وزواج القاصرات، والتعدد، ومحاور أخرى، تدخل في إطار العنف الزوجي. وفي الوقت ذاته، ندعم الجمعيات، التي ترفع هذا المطلب، ونتعاون معها. وفي نهاية المطاف، فإن الملفات المطلبية للحركة النسائية تتكامل مع بعضها البعض، ونتمنى أن نستمر في هذا الاتجاه، وفي الإجماع حول قضايا معينة، تشكل جوهر العنف، بشكل عام، الذي يمارس على المرأة في مجتمعنا، والذي يأخذ أشكالا مختلفة، من عنف جسدي، ومعنوي، واقتصادي، وثقافي.