احتضن مقر ولاية جهة الغرب الشراردة بني احسن بالقنيطرة، أخيرا، معرضا تكريميا للفنان التشكيلي محمد بناني، بمناسبة توشيحه، من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس بوسام المكافأة الوطنية من درجة ضابط، على هامش تدشين جلالته بالرباط المقر الجديد للمكتبة الوطنية ل
وشهد التكريم حضور العديد من عشاق الثقافة والفن التشكيلي بمدينة القنيطرة، كما شكل مناسبة لإعادة اكتشاف عاشق مدينة القنيطرة، الفنان محمد بناني، من جديد، من خلال إبداعاته، والشريط التوثيقي الذي عرض بالمناسبة.
وأعرب محمد بناني، خلال هذا الحفل عن امتنانه وتقديره لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، معتبرا أن الوسام الملكي سيظل محطة راسخة في مساره المهني.
وأبرز بناني، في هذا الصدد، الرعاية الموصولة التي أحاط بها جلالة الملك أسرة الفن والثقافة، بمختلف توجهاتها، مشددا على أن جلالته أعاد للفنان المغربي اعتباره وثقته في نفسه.
في لوحاته يمضي بناني في ترسيخ تجربته التشكيلية، التي بدأها في أواخر السبعينيات بمعرضه الأول في مدينة طنجة، لكن أهم ما يميز أعماله، هو ذلك التجاوب بين الشعر والفن التشكيلي من خلال مشاركته في العديد من المعارض المشتركة مع العديد من الشعراء، إذ سبق له أن شارك في حقائب فنية عدة جمعته بكتاب وشعراء كبار، منهم الطاهر بنجلون سنة 1992، وعائشة البصري في شهر مارس الماضي.
واعتبر بناني في تصريح سابق لـ"المغربية" على هامش معرض جمعه، أخيرا، بالشاعرة المغربية عائشة البصري، حمل عنوان" صديقي الخريف" أن هناك عدة قواسم مشتركة بين أعماله وبين الشعراء الذين اشتغل معهم، فأعماله تتمحور حول الطبيعة دائما، حيث يغلب اللون البني على معظم أعماله الأخيرة مع حضور لافت للون الأصفر، الذي نادرا ما يستعمله الفنان في لوحاته.
ويقول بناني "أتعامل مع الألوان كشخوص، فاللوحة بالنسبة لي مثل فيلم سينمائي أختار لها ألوانا تؤدي دور البطولة، وأخرى أدوارا ثانوية، لذلك تجد علاقتي ببعضها حميمية جدا، فاللون البني أحبه كثيرا، وكذلك الشأن بالنسبة للأسود والأبيض، والأزرق، وأمقت ألوانا أخرى ولا أتصورها في لوحة من لوحاتي، كاللون الوردي مثلا، كما أن هناك ألوانا تتمرد أحيانا وتفرض نفسها في اللوحة".
ويضيف "أتحاور مع الألوان طول الوقت، فأثني على الأزرق حين يعجبني، وأقبل البني عندما يروقني، وألعن الأصفر عندما يغضبني. إنها مواد تحمل روحا ولغة أعبر من خلالها عما أريد"
ولعل من أطرف وأغرب ما حدث مع الفنان، الذي يفتح حوارا دائما مع الألوان، هو تمرد اللون الأحمر واندلاقه على إحدى لوحاته في حادث عرضي أغضبه ودفعه إلى التوقف عن العمل، واستأنفه بمجرد ما أثاره جمال اللون المتمرد أثناء تفقده مرسمه، ليبدأ معه علاقة حميمية من خلال اللوحة التي سماها "لطخة حمراء" "tache rouge"، التي كانت من بين الأعمال التي أعجبت المغفور له الحسن الثاني، واقتناها من دون أن يحتفظ الفنان بنسخة منها، وفي هذا الصدد يشيد بناني بدور الراحل الحسن الثاني في تشجيع الفن والفنانين، وبذوقه العالي في اختيار الأعمال الفنية الجيدة.
وعن الألوان، يؤكد بناني أن المكان أيضا، يتحكم في اختيار اللون، حيث من المستحيل توظيف ألوان صاخبة في باريس مثلا، فالطبيعة هناك تفرض ألوانا مثل الرمادي والأسود والأبيض، في حين يغلب اللون الأزرق والأبيض في شمال المغرب مثلا، ويسود اللون البرتقالي والأحمر، وكل الألوان الصاخبة الحارة كلما اتجهنا نحو الجنوب.
وسبق لمحمد بناني، المزداد سنة 1943 بتطوان، الحاصل على الإجازة في الفنون الجميلة والرسم والنحت من المعهد العالي للفنون الجميلة بباريس سنة 1962، أن عرض أعماله بعدد من المدن داخل المغرب وخارجه.
وخلال مساره المهني الطويل، شارك بناني في خمسة وثلاثين معرضا فرديا وثمانية وأربعين معرضا جماعيا بالمغرب وفرنسا وإسبانيا والعراق وتونس والولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا.