تبت غرفة الجنايات الابتدائية (الدرجة الأولى) بمحكمة الاستئناف بالرباط الملحقة بابتدائية سلا، المختصة بالنظر في جرائم الأموال، غدا الثلاثاء.
في ملف الشبكة المتخصصة في التزوير وتقديم شكايات ذات طبيعة اجتماعية أو ما بات يعرف بملف "لاكريمات".
الذي يتابع فيه 30متهما بتهم "تكوين عصابة إجرامية متخصصة في النصب والاحتيال وتزوير وثائق رسمية وإدارية واستعمالها وانتحال هويات والإرشاء والارتشاء واستغلال النفوذ وإفشاء السر المهني وعدم التبليغ والمشاركة" كل حسب ما نسب إليه.
واتخذت هيئة الحكم، التي تنظر في هذا الملف، قرارها بعد أن أدرجته في المداولة من أجل النطق بالحكم، الخميس الماضي، بعد إنهائها الاستماع إلى مرافعات هيئة الدفاع، فيما أجلت الاستماع إلى الكلمة الأخيرة للمتهمين، إلى يوم غد الثلاثاء، ثم النطق بالأحكام.
وأوضحت مصادر قضائية أن عددا من المحامين، طالبوا أثناء إلقائهم لمرافعاتهم، الهيئة بالحكم ببراءة موكليهم، بعد أن وصفوا التهم المنسوبة إليهم والمدونة في محاضر الضابطة القضائية بـ"المفبركة والتي لا تستجيب للمقتضيات القانونية"، كما اعتبروا أن المتهمين الثلاثة السماسرة المتابعين في الملف نفسه، أنعم عليهم بهذه الهبات في وقت سابق.
وأضافت المصادر نفسها أن هيئة الدفاع، أشارت في تعقيب لها على مرافعة ممثل النيابة العامة، الذي طالب بتطبيق أقصى العقوبات في حق المتهمين، إلى أن وقائع الملف متشابكة خيوطها ومعقدة حيثياتها، واختلط فيها الحابل بالنابل، وطالبت رئيس الجلسة، باستبعاد ملتمسات النيابة العامة، والاكتفاء بما يدور أثناء المحاكمة.
ومن جانبه، التمس ممثل النيابة العامة تطبيق عقوبة سجنية نافذة مدتها 20 سنة في حق 17 ظنينا، و15 سنة في حق الباقي، على اعتبار أن التهم محل المتابعة ثابتة في حقهم. وأكد ممثل الحق العام، خلال مرافعته، أن "الشبكة الإجرامية اعتمدت خطة لاختلاس أموال عمومية متمثلة في إعانات مقتصرة على فئة اجتماعية"، مبرزا أن التهم ثابتة في حق المتهمين وتعززها قرائن المحجوزات وثبوت المشاركة في الاختلاس بمفهوم الفصل 214، مشيرا إلى أن الطريقة التي كانت معتمدة في الحصول على رخص "لاكريمات" جرت عبر اللجوء إلى ثلاث منهجيات يصطلح عليها "السمير"، و"الكاميلة"، و"الكارطة"، مضيفا أن المتهمين استفادوا عبر هذه العمليات من ملايين الدراهم.
وكانت هيئة الدفاع تقدمت في جلسة سابقة، بمجموعة من الدفوعات الشكلية تمثلت أساسا في انعدام حالة التلبس، وخرق مساطر التحقيق مع المتهمين، وتعرض بعض المتهمين للاختطاف والتعذيب داخل معتقلات سرية، وبطلان محاضر الشرطة القضائية، التي طالبت باستبعادها.
وكانت هيئة الحكم، التي وافقت على ملتمس ممثل النيابة العامة القاضي برفض جميع الدفوعات الشكلية، التي تقدمت بها هيئة الدفاع، استمعت إلى 28 من المتابعين في هذا الملف، من بينهم امرأة وقائد سابق وستة من رجال الأمن وثلاثة أعوان سلطة، وبطل رياضي سابق، وموظفون من وزارة الداخلية، إضافة إلى مدير شركة وثلاثة طباخين بالقصر الملكي وتجار وباعة متجولين، إذ أنكروا كل التهم الموجهة إليهم، وطالبوا ببراءتهم.
ويتحدر هؤلاء المتهمون، الذين أحيلوا على النيابة العامة بالمحكمة ذاتها في تواريخ مختلفة، من مدن الرباط وسلا وفاس ومكناس والعرائش وطنجة والناظور.
وكانت النيابة العامة قررت، خلال نونبر الماضي، حسب مصدر قضائي، إحالة 25 متهما من أفراد الشبكة، مباشرة، على غرفة الجنايات المختصة في جرائم الأموال، التي استجابت في أول جلسة محاكمة للمتهمين خلال الشهر ذاته، لملتمس تقدمت به النيابة العامة، يقضي بحجز ممتلكات 25 متهما من أفراد هذه الشبكة.
وسبق لمصدر قضائي أن أوضح أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، أحالت بداية شهر نونبر الماضي، أفراد الشبكة المتخصصة في تزوير وتقديم شكايات ذات طبيعة اجتماعية على النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالرباط، وكان علم في 20 نونبر الماضي لدى وزارة الداخلية أنه، وبتعليمات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، فتحت مصالح الأمن أخيرا تحقيقا أسفر عن تفكيك الشبكة، وكشف أن هذه العناصر استفادت من تواطؤات داخل بعض المصالح الإدارية واستغلال تنقلات صاحب الجلالة.
يذكر أن المحكمة العسكرية بالرباط، أدانت أبريل الماضي، بأحكام بلغ مجموعها 49 سنة وأداء غرامة مالية قدرت بـ 47 ألف درهم، في حق تسعة عسكريين ودركيين، ضمن الشبكة نفسها، وتوزعت الأحكام، ، بين 8 سنوات وأداء غرامة 20 ألف درهم في حق المتهم الأول، و7 سنوات وأداء 10 آلاف درهم في حق ظنينين اثنين، و6 سنوات وأداء 8 آلاف درهم في حق المتهم الرابع، و5 سنوات وأداء 6 آلاف درهم في حق ظنينين اثنين، في حين أدانت المتهمين السابع والثامن بـ 4 سنوات وأداء 5 آلاف درهم لكل واحد منهما، أما الظنين الأخير فحكم عليه بـ 3 سنوات مع أداء غرامة حددت في 4 آلاف درهم، فيما برأت المحكمة الأظناء من تهمة التزوير واستعماله ومصادرة ما هو متحصل من الارتشاء واستغلال النفوذ.