تواصل غرفة الجنايات الاستئنافية (الدرجة الثانية) بمحكمة الاستئناف في الدارالبيضاء، بعد ظهر غد الأربعاء، الاستماع إلى المتهمين الـ 17 المتابعين في ملف "الشريف بين الويدان".
وستعرف جلسة الأربعاء، الاستماع إلى المسؤوليين الأمنيين المتابعين ضمن الملف، من بينهم عبد العزيز أيزو، المدير السابق لأمن القصور الملكية.
وانطلقت جلسات الاستماع إلى المتهمين في هذا الملف، الأسبوع الماضي، إذ حددت هيئة الحكم، برئاسة المستشار الطولفي، وعلى عكس المرحلة الابتدائية، جلستين للنظر في الملف خلال أسبوع واحد، جلسة الأربعاء بعد الظهر، والجمعة صباحا.
وخلال الجلستين السابقتين، استمعت هيئة الحكم، المتكونة من خمسة قضاة، إلى المتهم الأول في الملف، محمد الخراز، الملقب بـ"الشريف بين الويدان"، الذي أنكر كل ما نسب إليه من تهم، متهما عناصر الشرطة القضائية بأنهم من لفقوا جميع الأقوال الموجودة في المحضر والمنسوبة إليه، كما نفى الخراز أن يكون منح لبعض المتهمين ضمن الملف نفسه، من المسؤولين الأمنيين، خاصة عبد العزيز إيزو ويوسف العلمي لحليمي وفريد الهاشمي وعبد العزيز الطريبق، رشاوى من أجل التغاضي عن نشاطه في مجال المخدرات، الذي أكد مجددا أنه ابتعد عنه منذ سنوات وقبل اعتقاله.
ووجهت هيئة الحكم إلى الخراز أسئلة كثيرة، خلال ساعة تقريبا، كان يجيب عليها بالنفي التام، محملا المسؤولية للضابطة القضائية التي حققت معه وأرغمته على التوقيع على المحاضر دون الاطلاع عليها أو على مضمونها.
واستمعت هيئة الحكم أيضا إلى شقيق عبد العزيز الخراز، شقيق محمد الخراز والمتهم الثالث محمد عياد، وهو تاجر سمك، إذ أنكرا بدورهما التهم الموجهة إليهما، خاصة المشاركة والمساهمة في تهريب المخدرات والاتجار فيها، باعتبارهما شريكين للشريف بين الويدان.
ويتابع المتهمون بهذا الملف بتهم "الاتجار في المخدرات، والتهريب على الصعيد الدولي والإرشاء والارتشاء واستغلال النفوذ والتستر على مجرم مبحوث عنه من طرف العدالة، وتهجير أشخاص إلى الخارج بطرق غير مشروعة وبصفة اعتيادية، والمساعدة على الهجرة غير الشرعية بصفة غير مشروعة والمشاركة".
وكانت هيئة الحكم بقاعة الجلسات رقم 5 بالمحكمة نفسها، استمعت إلى الدفوعات الشكلية التي تقدمت بها هيئة الدفاع، وعرفت شدا وجذبا بين هذه الأخيرة وممثل النيابة العامة، الذي طالب هيئة الحكم برفضها جميعا، لأن هيئة الدفاع تتمسك بالدفوعات الشكلية نفسها التي تقدمت بها في المرحلة الابتدائية من هذه المحاكمة، فيما أجلت هيئة الحكم، البت في الدفوعات الشكلية لهيئة الدفاع إلى حين بداية المناقشات، وقررت ضمها إلى جوهر القضية، وبداية الاستماع إلى المتهمين.
وركزت هيئة الدفاع في دفوعاتها الشكلية على عدم الاختصاص المكاني للمحكمة بالنظر في القضية، كما طالبت بإلغاء محاضر الضابطة القضائية، لأن بعض المتهمين لم يجر اعتقالهم بمدينة الدارالبيضاء، كما أن محاضر الشرطة القضائية، تشير إلى تواريخ مخالفة للتواريخ الحقيقية التي اعتقل فيها المتهمون.
والتمست هيئة الدفاع من هيئة الحكم، العودة إلى تصريحات المتهمين والشهود، الذين مثلوا أمام المحكمة، في المرحلة الابتدائية، ونفوا جميع تصريحاتهم المدونة في محاضر الشرطة، إذ أكد أغلبهم أنهم لا يعرفون المتهمين ولم يقفوا على عمليات الاتجار في المخدرات أو تلقي الرشاوي.
وكانت الغرفة الجنائية الابتدائية بالمحكمة ذاتها، أدانت فبراير الماضي، بأحكام متفاوتة، تراوحت ما بين 8 سنوات سجنا نافذا والبراءة في حق المتهمين، إذ أدانت المتهم الرئيسي محمد الخراز، الملقب بـ"الشريف بين الويدان"، بثماني سنوات سجنا نافذا وغرامة مالية بقيمة 500 ألف درهم ومصادرة خمسة ملايين ومائتي ألف درهم لفائدة الدولة، والمتهم عبد السلام عياد بست سنوات سجنا نافذا وغرامة 300 ألف درهم ومصادرة مبلغ 3 ملايين درهم من أملاكه لفائدة الدولة، و شقيق الخراز عبد العزيز الخراز، بخمس سنوات سجنا نافذا وأداء غرامة مالية قيمتها 100 ألف درهم ومصادرة282 ألف درهم من ممتلكاته لفائدة خزينة الدولة، بعد أن اعتبر القاضي أن مصادرة هذه المبالغ تعود كونها متحصلة من جناية.
وقضت في حق المتهم عبد العزيز إيزو، المدير السابق لأمن القصور الملكية، بسنة ونصف السنة سجنا نافذا وستة أشهر موقوفة التنفيذ، وغرامة مالية تبلغ خمسة آلاف درهم ومصادرة 700 ألف درهم من ممتلكاته المتحصلة من جناية، بعد أن برئ من تهمة المشاركة في الاتجار في المخدرات والتستر على مجرم فار من العدالة، وإدانته بتهمة الارتشاء.
وتعود وقائع هذه القضية، التي أعادت إلى الأذهان محاكمات الفساد المالي والإداري، واستغلال النفوذ والاتجار في السموم البيضاء، حين اعتقل الشريف بين الويدان، في صيف العام الماضي 2006، الذي تبين، حسب تصريحات سابقة، أنه كانت تربطه علاقات متشابكة ومتداخلة، مع عدد من عناصر الأمن والدرك والقوات المساعدة، من رتب ومستويات مختلفة، وهو ما أدى إلى متابعة عدد من المسؤولين في هذه المصالح، وفق قرار الإحالة الذي يتكون من 700 صفحة.
يشار إلى أن التحقيق في هذا الملف، في بدايته، أحيط بسرية تامة، ومنع تسليم محاضر الضابطة القضائية المتعلقة بالملف للمحامين، إذ رفض قاضي التحقيق السماح لهم بتصويره، وفرض عليهم الاطلاع عليه فقط بمكتبه، قبل أن ينعقد لقاء بمقر وزارة العدل، اتفق خلاله على ضرورة تسهيل مأمورية الدفاع وتمكينه من الاطلاع على الملفات ونسخ وثائقها والحصول على محاضر الضابطة القضائية كيفما كانت درجة حساسية وسرية هذه الملفات.