إنهاء التحقيق في اعتداءات 11 مارس قبل العاشر من أبريل

مدريد تحيي ذكرى قتلاها بلا دموع ولا حداد

الجمعة 10 مارس 2006 - 14:45

تحيي السلطات الإسبانية، اليوم السبت، الذكرى الثانية لاعتداءات مدريد في 11 مارس 2004، بتحفظ بعيدا عن تظاهرات الحداد الوطني، التي اتسمت بها الذكرى الأولى لأسوأ مأساة إرهابية في تاريخ البلاد.


وستكتفي جمعيات ضحايا الاعتداءات بتنظيم تجمعات، واحدة منها ستكون في منطقة "بويرطا دي صول" بالعاصمة، حيث ينتظر انطلاقا من الساعة العاشرة صباحا وضع إكليل من الزهور على النصب التذكاري، الذي يؤرخ للاعتداءات وللضحايا.

بعد ذلك، سيتوجه المشاركون إلى "غابة الغائبين"، التي ثبتت بها 191 شجرة من السرو والزيتون، تعبيرا عن غياب الأرواح، التي قضت في الهجمات المذكورة، حيث سيجري الوقوف دقيقة صمت ترحما على أرواح الضحايا.

وأفادت مصادر مقربة من الحكومة الجهوية بمدريد أن السلطات الإسبانية اكتفت باستدعاء بضعة سفراء ينتسبون إلى الدول، التي سقط بعض مواطنيها ضحايا الاعتداءات، للمشاركة في مراسيم إحياء الذكرى، التي من المقرر أن يحضرها جميع أعضاء المجلس الحكومي، ورئيسة الحكومة الجهوية إسبيرانسا أغيري، وعمدة مدريد ألبيرتو رويث غياردون، بالإضافة إلى الجمعيات الممثلة لضحايا الإرهاب في إسبانيا.

وفي موضوع ذي صلة، كشف قاضي المحكمة الوطنية الإسبانية المكلف بالتحقيق في اعتداءات 11 مارس خوان دي ألمو، عشية إحياء الذكرى، عن قراره إنهاء التحقيق قبل العاشر من أبريل المقبل.

وكان دي ألمو، نشر أخيرا، تفاصيل التحقيق وخلاصاته التي جاءت في حوالي 200 مجلد بمجموع 80 ألف صفحة، اعتمد فيها على شهادة 40 شاهدا محميا، كما أنه استند إلى خمسين بصمة كدليل للإدانة، بالإضافة إلى تفتيش 25 سيارة، وتحليل وتسجيل 50 ألف مكالمة هاتفية.

وأبرز النتائج التي خلص إليها خوان دي ألمو في تحقيقاته، حسب ما جاء في تقاريره، هو ربطه اعتداءات 11 مارس "بالاستراتيجية السلفية الجهادية للإرهاب"، مشيرا إلى أن منفذي الاعتداءات ينتسبون إلى "شبكة ذات بنية متشعبة لها فروع في فرنسا وبلجيكا وإيطاليا والمغرب".

ووصف قاضي المحكمة الوطنية هذه الشبكة بـ "النشيطة جدا"، ليس فقط في "عملها الدعائي للإسلام الراديكالي وفي إعداد أشخاص وإرسالهم إلى مناطق النزاع مثل العراق"، بل كذلك "في قدرتها على تشكيل خلايا إرهابية على المستوى المحلي الأوروبي المعنية بتنفيذ اعتداءات إرهابية مخطط لها".

النتائج الأخرى التي توصل إليها دي ألمو، إلى جانب عدم وجود أي تنسيق بين منفذي الهجمات وحركة "إيتا" الباسكية، تفيد "وجود أدلة كافية تؤكد تورط السبعة الذين فجروا أنفسهم في مبنى ليغانيس في الثالث من أبريل عام 2004، كما أن تحقيقاته أسفرت عن إدانة اثنين من الإسلاميين المتشددين المعتقلين لدى السلطات الإسبانية وخمسة آخرين مجهولين عثر على عينات من حمضهم النووي بالمبنى المذكور في الأدوات التي استعملوها كأدوات الحلاقة وبعض أواني الطبخ والملابس وغيرها".

كما حوكم في هذا الملف شاب إسباني واحد فقط، كان قاصرا لدى حصول الوقائع في نونبر 2004، وصدر في حقه حكم بالسجن ست سنوات، لأنه سلم مرتكبي الاعتداءات التي تبناها تنظيم القاعدة المتفجرات.

وفي المجموع يشتبه في تورط 25 شخصا بشكل مباشر أو غير مباشر وهم حاليا قيد الحبس الاحترازي، أحدهم المصري ربيع عثمان المعتقل في إيطاليا و42 آخرون غير معتقلين لكن تحت المراقبة القضائية.

وأمر القاضي ديل أولمو الاثنين المنصرم بتمديد الحبس الاحترازي لتسعة أشخاص معتقلين منذ سنتين كما يخول له القانون الإسباني بذلك مرة واحد، ومن بين المتهمين التسعة، ثلاثة يشتبه في ضلوعهم المباشر في تلك الاعتداءات التي أسفرت عن سقوط191 قتيلا و1900 جريح، وهم المغربي جمال زوكام والسوري باسل غيون والمغربي عبد المجيد بوشار.

وتعرف عدد من الركاب كانوا في قطارات الضواحي التي انفجرت فيها عشر قنابل صباح 11 مارس 2004 على المشتبه بهما الأولين ونفى المتهمان مجددا لدى استجوابهما الأسبوع المنصرم أمام القاضي ديل أولمو تورطهما في الهجمات.

وتمكن الثالث الذي استلمته إسبانيا من صربيا مونتينغرو في سبتمبر، من التسلل في الثالث من أبريل 2004 من الطوق الأمني الذي فرضته الشرطة حول شقة في ليغانيس (جنوب مدريد)، حيث فجر منفذو الاعتداءات السبعة أنفسهم بعد فراره بقليل.

وتسبب هذا الانفجار، الذي قتل خلاله شرطي، في اختفاء معظم مرتكبي الاعتداءات كما دل على ذلك مائتان من تحاليل للحمض الريبي النووي أجريت حتى الآن وأثبتت أن الانتحاريين مروا بعدة مواقع أساسية لإعداد الهجمات.

وهذه المواقع هي منزل موراتا دي تاخونا (جنوب شرق مدريد)، حيث صنعوا القنابل الثلاث عشرة، والسيارات التي كانت متوقفة قرب محطة قطارات القلعة هينارس من حيث انطلقت قطارات الموت الأربعة، وضواحي محطة فيكالفارو، حيث يفترض أن زارعي القنابل نزلوا، في شقة ليغانيس.

ولم يجر العثور على أي بصمة أصابع أو آثار جينية أو وثائق تثبت تورط المغربي جمال زوكام في هذه المواقع الأربعة وبخصوص المخططين الأساسيين للاعتداءات، ذكر قاضي المحكمة الوطنية أن "الدور الأكبر والأهم في التخطيط واتخاذ قرار تنفيذ الاعتداءات يعود إلى شخصين على صلة بالجماعة الإسلامية المقاتلة المغربية، وهما يوسف بلحاج وحسن الحسكي، وكلاهما مسجونان بإسبانيا".

وتشكل بلجيكا، حسب استنتاجات القاضي دي ألمو استنادا إلى تصريحات نظيره البلجيكي دانيال فرانسيس، محور نشاط يوسف بلحاج الذي وجهت له العدالة البلجيكية تهمة "العمل على إدخال المقاتلين المتدربين في معسكرات في أفغانستان إلى أوروبا.

واستقدام الإسلاميين المتشددين المطلوبين لدى السلطات المغربية إلى بلجيكا"
يشار إلى أن يوسف بلحاج، الذي تبنى اعتداءات 11 مارس في شريط فيديو باسم أبو دخانة الأفغاني، يشتبه في أنه الناطق باسم القاعدة في أوروبا، كما يعتقد بأن له صلة باعتداءات 16 ماي بالدار البيضاء وبالجماعة المنفذة لاغتيال السينمائي الهولندي تيو فان خوخ.

يذكر أن السلطات القضائية تواجه صعوبة في تحديد فضاء لإجراء المحاكمة، نتيجة كثرة المتهمين الذين يبلغ عددهم 96 مشتبها به والمحامين 23، وأيضا بسبب إصرار الضحايا على حضور جلسات المحاكمة.




تابعونا على فيسبوك