أكد المدير العام لمنظمة العمل العربية، إبراهيم قويدر، أنه لا يمكن تحقيق الديمقراطية في وسط يفتقر إلى أبسط ضرورات الحياة اليومية للمواطن العربي، وعلى رأسها العيش الكريم، وتوفير حق الشغل، وقال إبراهيم قويدر، في حديث خص به "الصحراء المغربية" ينشر غدا، إنه "ل
وقال قويدر إن المغرب استطاع خلق آليات للحوار الاجتماعي، وما هو موجود في المغرب مبني على العمل الجاد لمعالجة ظاهرة الفقر بشجاعة، وبنوع من تسخير برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية لتحسين الأوضاع العامة للأسرة المغربية، معتبرا أن ذلك سيساهم في الحد من عمالة الأطفال، ومن مشكلة البطالة، وسيعطي للديمقراطية شكلها المميز، لأنه لا ديمقراطية للجائعين.
وأشاد المدير العام لمنظمة العمل العربية، الذي حل بالمغرب للمشاركة في الدورة 33 لمؤتمر العمل العربي، الذي تنطلق أشغاله اليوم بالرباط، بتجربة هيئة الإنصاف والمصالحة في المغرب، التي اعتبرها مبادرة شجاعة تستحق الاهتمام والدراسة، داعيا القادة العرب إلى الأخذ بهذه التجربة المتميزة في مجال حقوق الإنسان. ونوه بمبادرة التنمية البشرية، التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس، من أجل تحقيق التنمية المستدامة وتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين المغاربة.
وقال قويدر إن ما أعلنه جلالة الملك محمد السادس، من خلال تجربة الإنصاف والمصالحة، "بادرة شجاعة في المغرب، ولا يوجد حاكم عربي يستطيع أن يعترف بوجود أخطاء في الماضي، ويعمل على طي هذه التجاوزات في إطار جبر الضرر المادي والمعنوي لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان". وتابع "إنه شيء رائد نتمنى أن يقتضي به كل الحكام في العالم العربي".
بيد أن المدير العام لمنظمة العمل العربية أبدى ل"الصحراء المغربية" قلقه إزاء مستقبل العمل العربي المشترك، وقال "إنني لا يمكن أن أتفاءل إذا استمرت الأوضاع على ما عليه".
*** ما هي أهم االقضايا التي ستحظى بالأولوية في الدورة 33 لمؤتمر العمل العربي؟
-إن مؤتمر العمل العربي، الذي يعقد دورته الثالثة والثلاثين برعاية صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يهتم بقضية نرى أن المغرب في عهد جلالة الملك بدأ يوليها مكانة خاصة، لم تأت بالصدفة، ولكنه اختيار مرتب ومدروس، ألا وهي مسألة الحوار الاجتماعي، سواء بين النقابات أو أرباب العمل أوالحكومات. كما يمكننا الحديث أيضا عن الحوار الاجتماعي بصفة عامة داخل المجتمع المدني، بشكل ديمقراطي، في إطار التفاعل بين مكوناته الاجتماعية والسياسية والنقابية، وذلك للرفع من مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المجتمعات العربية.
ونحن نرى بأن الحوار الاجتماعي في الوطن العربي قضية جد مهمة، وتتطلب من منظمة العمل العربية تسليط الضوء عليها، وتحفيز الدول العربية لوضع آليات تتناسب مع واقع مجتمعنا العربي، قد يكون جزء منها مستوردا، بحكم التجارب التي سبقتنا في مجال الحوار الاجتماعي. ونحن لا نتحدث عن استنساخ تجارب أخرى، وليس الحوار بالضرورة هو الحوار الموجود في أوروبا وأميركا، ولكن من حيث المضمون هو حوار واحد إنساني. وفي تراثنا العربي والإسلامي القديم كان هناك مجلس القبيلة الذي نتحاور في إطاره على أساس "وأمرهم شورى بينهم". ومن هنا يمكن أن نستفيد من ذلك في إيجاد الصيغة الملائمة لهذا الحوار في وقتنا الحالي.
وتسعى منظمة العمل العربية بمساعدة أطراف الإنتاج في الوطن العربي لتجسيد الحوار الاجتماعي كعمل اجتماعي ديمقراطي رائد في وطننا العربي. وأعتقد أن الحوار الاجتماعي الفعال يتطلب حرية التنظيم وحرية التعبير وفتح قنوات التبادل المشترك في المعلومات وشفافية ذلك، كما يقتضي وجود شركاء اجتماعيين أقوياء ومستقلين يمكنهم المشاركة بحرية. إن الحوار الاجتماعي هو مصدر للاستقرار على جميع الأصعدة والمستويات من المؤسسة وحتى المجتمع بصفة عامة.
*** ماذا يميز هذه الدورة عن الدورات السابقة من حيث الالتزام بتنفيذ الاتفاقيات الموقعة في إطار منظمة العمل العربية؟
-بالنسبة للحوار الاجتماعي سيكون النقاش مفتوحا وعاما، وليس معروضا كقضية، كما أن هناك مشروع اتفاقية من أجل وضع آليات للحوار الاجتماعي، وستكون هناك توصيات بهذا الخصوص. لكن الشيء الذي يميز هذه الدورة هو أن لجنة الخبراء القانونيين في منظمة العمل قامت بدراسة تقييم لمدى التزام الدول العربية بتنفيذ الاتفاقيات المبرمة في مجالات العمل المختلفة. وفي هذا الإطار قمنا بهذه التجربة، وشكل ذلك حافزا للدول من أجل تنفيذ الاتفاقيات، كما أنها أدت إلى دخول الدول، التي اعتمدت هذه التجارب، والتي لم تعتمدها، والدول التي التزمت، والدول التي لم تلتزم بالاتفاقيات، في تسابق في ما بينها.
*** ما هي الأهمية التي ستحظى بها المرأة في مؤتمر العمل العربي بالرباط؟
- ستحظى المرأة بالاهتمام الذي تستحقه كعنصر أساسي وفاعل في عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية. لدينا لجنة شؤون عمل المرأة تتكون من ممثلين عن خمسة حكومات وخمسة آخرين تختارهم الإدارة في منظمة العمل العربية، بالرئاسة الشرفية للملكة رانيا العبد الله، عاهلة الأردن، والأمينة العامة لهذه اللجنة نزهة الشقروني. وينبغي التأكيد على أن عمل اللجنة جد مهم، إذ وصلنا إلى قناعة مفادها أن حضور المرأة قائم في الحوار الاجتماعي على جميع المستويات، وبشكل عام فإن اللجنة المكلفة بشؤون عمل المرأة سيعاد انتخابها في هذه الدورة بالرباط.
*** دخل المغرب مرحلة مهمة في ميدان الحوار الاجتماعي بين الحكومة والنقابات العمالية وأرباب العمل، ما هو رأيكم في هذه التجربة؟ وما مدى استفادة باقي الدول العربية منها؟
- بصراحة المغرب وتونس ولبنان، إذا استقر الوضع فيه مستقبلا، فإن هذه الدول تعد من البلدان المميزة في مجال الحوار الاجتماعي. وحاليا يعد المغرب بالدرجة الأولى أكثر البدان، التي استطاعت خلق آليات للحوار الاجتماعي، وما هو موجود في المغرب مبني على العمل الجاد لمعالجة ظاهرة الفقر بشجاعة، وبنوع من تسخير برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية لتحسين الأوضاع العامة للأسر المغربية. وذلك سيساهم في الحد من عمالة الأطفال ومن مشكلة البطالة وسيعطي للديمقراطية شكلها المميز، لأنه لا ديمقراطية للجائعين. إذ كيف تحجب عني الحاجات الضرورية، وتقول لي تعالى مارس الديمقراطية؟ أين هي الديمقراطية؟ كيف أمارس الديمقراطية وأنا لا أستطيع العيش الكريم مثل الآخرين؟
وعلى هذا المستوى، فإن ما أعلنه جلالة الملك محمد السادس، في ما يتعلق بتجربة الإنصاف والمصالحة، بادرة شجاعة في المغرب، ولا يوجد حاكم عربي يستطيع أن يعترف بوجود أخطاء في الماضي، ويعمل على طي هذه التجاوزات في إطار جبر الضرر المادي والمعنوي لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. إنه شيء رائد نتمنى أن يقتضي به كل الحكام في العالم العربي.
*** تعاني العمالة العربية من صعوبات في إيجاد وظائف داخل الوطن العربي، هل هناك إمكانية لتشجيع هذه الدول على إعطاء الأولوية لهذه الفئة بدل العمالة الأجنبية؟
- هناك تشجيع لهذه الدول، كما أنها ترغب في الاستفادة من العمالة العربية، إلا أنه من الضروري أن تكون هذه العمالة معدة بشكل جيد، وأكثر تدريبا وكفاءة، حتى يتسنى الاستفادة منها في تنفيذ برامج التنمية.
*** ما هي الأهمية التي تحظى بها التنمية البشرية في منظمة العمل العربية؟
- لدينا مركز إسمه المركز العربي لتنمية الموارد البشرية يتركز دوره في إعداد الدراسات والأبحاث لتطوير مناهج المراكز وإعداد المدربين في الدول العربية. ويقوم المركز انطلاقا من إمكانياته المادية بمجهود فعال في مجال التنمية البشرية.
*** تحاول الولايات المتحدة من خلال مبادرة الشراكة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا تسهيل الحوار مع المجتمع المدني والنقابات والأحزاب السياسية في العالم العربي، ما رأيكم في ذلك؟
- الحوار مفتوح، ينبغي أن يكون الحوار أولا على الصعيد الوطني، وثانيا على المستوى العربي، وثالثا على المستوى العالمي. ومن الضروري تبني أولويات وترتيبات في هذا المجال، ومن اللازم أيضا البدء بالداخل قبل الخارج، والحوار العربي قبل الحوار مع الاتحاد الأوروبي وقبل الحوار مع الولايات الأميركية.
إن واشنطن والعواصم الأوروبية تراقبنا كعرب من المحيط إلى الخليج. وبالتالي من الضروري الدعوة إلى حوار اجتماعي عربي. إنهم وحدونا في التقييم. وعلى الأقل ينبغي أن نحاور بعضنا البعض، ولا ينبغي أن نحشر رؤوسنا في الرمل على طريقة النعامة، ونتغاضى عن الخارج، ينبغي تكوين رؤية وطنية وعربية نستطيع من خلالها أن ننطلق نحو الحوار العالمي.
*** ما هو تصوركم لمستقبل العمل العربي المشترك؟
- إذا كنت تريد أن أجيبك بصراحة، فأنا لست متفائلا، إذا استمرت الأمور بهذا الشكل وبهذه الوضعية، في ظل عدم المبالاة وعدم الاهتمام بإعداد الشباب ومعالجة مخرجات التعليم ومطابقتها لاحتياجات سوق العمل، وفي الوقت نفسه معالجة مشكلة البطالة وإحياء كل شكل من أشكال التكامل العربي. إن هذا كله صراحة مهمل في النظرة العربية المسؤولة. إذا كانت هذه النظرة تجاوزت الخلافات وبدأت تهتم بهذه القضايا، يمكننا أن نتفاءل، وإلا فإنه سيقع علينا ما توقعه التقرير الصادر عن منظمة العمل الدولية بأن منطقة العالم العربي ستكون أسوأ منطقة سنة 2025 في ما يخص ارتفاع نسبة البطالة.