بوليميك بين صحيفة العلم و الصحراء المغربية

ما كتبته عنا صحيفة العلم

الثلاثاء 17 يناير 2006 - 19:59
الأستاذ عباس الفاسي

أوردت صحيفة "العلم" في صفحتها الأولى بعددها ليوم 16 يناير 2006 مقالا يناقض التغطية التي خصصتها "الصحراء المغربية" لنشاط أطره الأمين العام لحزب الاستقلال بمدينة الداخلة. واعتبر كاتب المقالة غير الموقعة أن التغطية المذكورة جاءت مجحفة للحزب وأمينه العام واع

بروفايل عباس العلالي

عباس الفاسي المزداد في مدينة وجدة التي شكلت بوابة الاستعمار الفرنسي للمغرب، يعرف أن قدره السياسي حدد سلفا في حزب الاستقلال، وأن حكمة الانتماء له تتطلب فقط أن يبدأ من أول الدرج ويقطع بقية الأدراج الأخرى، كي يتسنى له الوصول إلى زعامة الحزب أو تحديدا إلى دائرة مرافقة زعمائه، إذ لا يكفي فقط في حزب التعادلية، إذ اختار التعادلية بديلا عن الليبرالية والاشتراكية، والتي يقال، والله أعلم، إن علال الفاسي استمدها من مسرحية للأديب المصري توفيق الحكيم، وحزب البورجوازية الوطنية، وهو الإسم الذي يطلقه اليسار المغربي على حزب الاستقلال ، أوالحزب السلفي الذي ميز أيضا فكر علماء الحزب كعلال الفاسي والمختار السوسي ... لا يكفي في هذا الحزب الرهان على حرق المراحل السياسية، أو القفز من النافذة أو حتى السقوط من السماء للوصول إلى المراكز والمسؤوليات السياسية الكبرى أو تحديدا دائرة حكماء الحزب، وهو أمر يحدث في كل الأحزاب المغربية، لكن في حزب الاستقلال لابد من الخضوع لسلطة التدرج والإيمان بأن الانتماء الحزبي والوصول إلى مسؤولياته الكبيرة ليس لعبة حظ، وأن المناضلين فئات وطبقات، أي أنهم ليسوا سواسية ولا هم كأسنان المشط
فزمن السياسة الاستقلالي مرتبط أشد الارتباط بتراتبية النضال والمناضلين، ولا فضل لمناضل على آخر إلا بالسنوات التي كرسها للحزب، وليس بالتقوى النضالية فقط .

وعباس الفاسي لم يشذ عن القاعدة، فقد تدرج وهو الحامل لإرث استقلالي كبير في دمه ومسلكياته، من جميع قطاعات الحزب : عضو في الإتحاد العام لطلبة المغرب، وهو الإطار التنظيمي الطلابي للحزب، ثم رئيسا للإتحاد في العام1961، وعضو في المجلس الوطني للحزب عام 1962 ، وكاتب عام للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان في العام 1971، وعضو اللجنة التنفيذية للحزب العام 1974، التي أعيد إنتخابه فيها في كل مؤتمرات الحزب ، إلى أن أنتخب بالإجماع أمينا عاما للحزب في العام 1998، خلفا لأمينه السابق محمد بوستة
وقد تولى عباس الفاسي أمانة الحزب، في نهاية التسعينات من القرن الماضي ، وهي سنوات النقاش حول الاستحقاقات السياسية والديمقراطية، التي كان من نتائجها تشكيل الكتلة بين الأحزاب الوطنية الديمقراطية، وتحقيق الانفراج السياسي وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وإجراء التعديل الدستوري، وتكليف الراحل الملك الحسن الثاني، لأحد رموز الحركة الوطنية، الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي، لتشكيل حكومة تناوب، يكون عمادها أحزاب المعارضة السابقة
وكان عباس الفاسي في هذه الفترة يعمل تحت ستارة الأمين العام للحزب آنذاك محمد بوستة، علما أن هذا الأخير هو من القوة، بحيث يصعب على أي كان في الحزب أن ينفذ من أسر كاريزماتيته السياسية، وسعة صورته التي تملأ بالكامل مشهد حضور وتحركات الحزب
ولم يمثل اسم عباس الفاسي في لائحة الحقائب الوزارية التي انتزعها الحزب من اليوسفي، وقيل بعد ذلك، ان عينه في هذه الفترة كانت على الأمانة العامة للحزب، وهذا الرهان لا يخلو من حدق سياسي، فقد سبق للرجل أن جرب ضراوة التوزير، عندما كان وزيرا للصناعة التقليدية والشؤون الاجتماعية العام 1981 ، وربما راكم في هذه التجربة درسا واحدا، وهو أن اقتفاء الأهداف الصغيرة تضعف مخزون الطموح السياسي، مقابل الأهداف الكبيرة التي تمكن من القدرة على كيفية رسم وتحديد قدر الآخرين، علما أن منصب الوزارة رمادي اللون، يسود لائحة الوزير، ويديل منجز أعماله كيفما كانت أهميتها بالسلبيات والأعطاب والإنتظارات
وقد ربح عباس الفاسي منصب الأمانة العامة للحزب بالإجماع، ونال فوق ذلك موافقة ودعم بيت حكماء الحزب، علما أن دعم هذه الأخيرة يمنح القدرة الكاملة على التصرف في العديد من مقدرات الحزب
وقد تبدى ذلك في أسلوب وطريقة عمل عباس الفاسي منذ الشهور الأولى في منصبه كأمين عام للحزب، فقد انتقلت تصريحاته حول دور الحزب من مشارك أساسي في حكومة التناوب إلى مجرد المساندة النقدية لها ، وبعث الحزب في هذا الصدد برسالة إلى الوزير الأول عبد الرحمان اليوسفي في 6 أكتوبر 1999 يعرض فيها مقترحات عدة قال عنها، إنها ضرورية لرفع الأداء الحكومي، وإعطاء أمل وثقة جديدين للشعب المغربي

وقد حل عباس الفاسي وزيرا للشغل والتكوين المهني والتنمية الاجتماعية، في أول تعديل يدخله اليوسفي على حكومته العام 2000 ، خلفا للوزير الاشتراكي خالد عليوة، الذي أخذ عليه وعوده المتفائلة وغاراته المتواصلة بقصف المعطلين بمناصب الشغل الوهمية، فركب عباس الفاسي مغامرة التشغيل، لا، بل إن ما أقبل عليه وُصف بأنه ضرب من الانتحار، وجد فيه المتربصون به، فرصة غير مسبوقة لإقباره سياسيا
لكن ما يحسب للرجل أن خطوات طموحه تسبقه إلى الأمام، وعبر في تصريحات عدة للصحافة عن استعداده للعمل في قطاع ملغوم أشبه بالرمال المتحركة، لكن ما يهمه من ذلك هو العمل المتبوع بالنتائج، لكن النوايا الصادقة عادة ما تشبه، في أوضاع سياسية غير صادقة أفراحا وهمية أو متخيلة، فقد واجهت عباس الفاسي قضية النجاة، التي راحت تستقطب آلاف الشباب المغربي المعطل بدعوى إيجاد فرص عمل في دولة الإمارات، ودافع عباس عن صحة المشروع أمام نواب البرلمان، إلى درجة أن البعض قال إن الرجل لا يمكن أن يخطأ في تأكيداته، إلى حين التأكد بأن النجاة، لم تكن أكثر من وهم متطرف، فزاد العداء لعباس، وزادت اعتصامات شباب النجاة، وأكثر منها الصحافة التي وجدت في الموضوع مناسبة لدحره والنيل منه سياسيا
مقابل ذلك زاد حضور الرجل في نقاش التوافقات والمفارقات والتقاربات بين الأحزاب، فاقترب من حزب العدالة والتنمية، أو هكذا قيل عنه، ما يعني ابتعاده عن حزب الاتحاد الاشتراكي، أو هكذا قيل عنه، ولم يعدم الموضوع كتابات عن ذلك
لكن بعض الأمور لا تخلو من صدقية، فصراع الحزبين كان أقوى من التغطية والإخفاء، فقد برز الخلاف جليا خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، وفي انتخاب عمداء المدن ورئاسة البرلمان ، وأصبح من الصعب إخفاء الحرب قائمة في بر الحزبين.
وفي كل مرة يصل فيها الصراع بينهما إلى خاتمته، يتأكد أن قدرهما السياسي أن يكونا معا، وأن تماديهما في تاكتيك الصراع ومناوشاته السياسوية، هو ما أفضى مرة أخرى إلى خيار سياسة الهروب إلى الأمام، والوصول إلى حكومة فرضت مشاركتهما فيها بالإكراه، فلا هي حكومة بملامحهما السياسية، ولا هي وفرت الزج بهما وبمسؤوليتهما في التواجد فيها.
(مقال صدر بصفحة أحزاب في عدد يوم الأحد 25 فبراير 2005 من صحيفة "الصحراء المغربية" بقلم مصطفى الزارعي)

هذا ما كتبته

وبالمقابل اعتبرنا أنه من الصائب أن نعرض على القارئ الكريم نموذجا مما تدعيه صحيفة "العلم" ، وعينة مما اعتدنا أن نخصصه لحزب عباس الفاسي وبشكل تلقائي، تاركين للقارئ حرية تقدير الوقائع المعروضة عليه.

اختارت يومية "الصحراء المغربية" أن تتعامل بطريقة خاصة مع الحدث الكبير الذي تجسد في الزيارة الهامة التي قام بها وفد قيادي من حزب الاستقلال يقوده الأمين العام للحزب الأستاذ عباس الفاسي، وارتكزت هذه الطريقة كالعادة على الإساءة إلى حزب الاستقلال
فلقد اجتهدت الجريدة بطريقة مخدومة جدا في انتقاء فقرات من الخطاب التاريخي الهام الذي ألقاه الأمين العام لحزب الاستقلال في المهرجان الجماهيري الحاشد الذي أطره الحزب بالداخلة، حيث عمدت إلى عزل فقرات عن سياقها العام، وبدت وكأنها تحمل مواقف في حد ذاتها، وهي طريقة رديئة معروفة للإساءة إلى المضمون، وهو تصرف اعتادت هذه الجريدة التي يملكها شخص أجنبي ومصرة على إقحام أنفها في الشؤون الداخلية للمغرب والمغاربة بما يوحي وكأن الجهة الأجنبية المالكة للجريدة تريد توجيه الأوضاع في البلاد والتأثير فيها .

إن زيارة قيادة حزب الاستقلال لمدينة الداخلة المجاهدة، والتي توجت بالتجمع الجماهيري الحاشد تمثل استفتاء صريحا لمغربية أقاليمنا الجنوبية ويعتز حزب الاستقلال بأن ينخرط في أجواء التعبئة التي تصب في هذا الهدف، وشاءت يومية "الصحراء المغربية"ومن يملكها أو لم تشأ فإن الحزب معتز بمواصلة نضاله في هذا السياق.




تابعونا على فيسبوك