المغرب يتوفر على بنكين للحيوانات المنوية بالدار البيضاء

الخميس 19 يناير 2006 - 20:00
مطفى المشرقي: طبيب أخصائي في أمراض الجهاز البولي والتناسلي

مكن العلم الحديث من إجراء الحقن المجهري، بعد أخذ عينة من الخصية أو سحب الحيوانات المنوية من البربخ ثم تلقيح البويضة بهذه الحيوانات المنوية خارج الرحم
ولعب بنك المني دورا مهما في تخزين النطف من أجل ضمان نجاح مثل هذه العمليات المساعدة على الإنجاب.

وقد أدى ذلك إلى تحقيق حلم الإنجاب لكثير من الرجال، من الذين كانوا يعانون من انسداد في القنوات المنوية أو لديهم مشاكل بالخصية.

"الصحراء المغربية"حاورت الدكتور مصطفى المشرقي، طبيب أخصائي في علاج الأمراض الجنسية والتناسلية، ليطلعنا على المزيد من المعلومات حول بنك المني في المغرب.

٭ متى ظهرت الحاجة إلى بنك للمني أو النطف بشكل عام في المغرب؟

ـ أود في البداية، أن أؤكد أنه بفضل تطور الأبحاث والتقنيات الطبية، أصبح من الممكن التحكم في الإنجاب، وبالتالي تجاوز معيقات الإنجاب عند الزوجين.

فنحن كأطباء لم نعد نستعمل كلمة عقم، وإنما نستعمل كلمة صعوبة في الإنجاب. لأن تطور علوم الطب، سمحت لنا باستعمال ما نطلق عليه الأدوية والتقنيات الطبية المساعدة على الإنجاب.

ومن هذه الطرق نجد بنك المني، الذي يسمح بتخزين كمية معينة من الحيوانات المنوية، في حال معاناة الرجل من مشكلة بسائله المنوي، كما يسمح بنك المني بتخزين بويضة المرأة في حالات طبية معينة، وفي الحالتين يعود المعنيون لاسترجاع ما خزنوه لاستعماله في عملية التلقيح الصناعي عند رغبتهم في الإنجاب بعد عجزهم عن تحقيقه داخل الرحم.

٭ هل يمكن أن توضح أكثر الحالات التي يمكن أن يلجأ فيها الأزواج إلى بنك النطف أو المني؟

ـ يلجأ الرجل إلى بنك المني، في حالة ما إذا كان سائله المنوي لا يتوفر على حيوانات منوية بالكم والجودة الكافية، أو في حال عدم وجودها أصلا به. كما تنفع التقنية الرجال الذين يعانون من أمراض الخصية والمعرضون لاستئصال الخصيتين، أو حين يكتشف الرجل، وإن كان غير متزوج، بأنه يعاني من عدم نزول الخصيتين في كيس الصفن، بحيث تتطلب حالته إجراء عملية جراحية، لإنزال الخصيتين إلى موضعهما الطبيعي.

تؤخذ عينة أو جزء من الخصيتين للبحث عن حيوانات منوية داخل النسيج نفسه، فتجمد الأنسجة لاستعمالها لاحقاً في عملية الحقن المجهري.
أما الحالة الثالثة، وهي حين يضطر الطبيب إلى اللجوء إلى العلاج الكيماوي، إما لإنزال الخصيتين عند الأطفال أو عند الرّجال الذين يعانون من أمراض السرطان. أما بالنسبة لتخزين البويضة، فتلجأ لها المرأة عادة عندما تعاني من انخفاض نسبة هرمون الاستروجين وارتفاع هرمون FSH مع انقطاع الطمث، أو خوفا من انقطاع الطمث المبكر.

٭ لنقرب القارئ أكثر من بنك المني، هل هو مؤسسة طبية أم أنه مختبر علمي أم ماذا؟

ـ بنك المني هو عبارة عن مختبر علمي وطبي، يوفر الأدوات والشروط الطبية اللازمة، التي تخزن النطف وتحافظ على جودتها لمدة طويلة تصل إلى العديد من السنوات
والمغرب يتوفر على بنكين للمني، متمركزين أساسا في مدينة الدار البيضاء يعودان للقطاع الخاص، وهما معروفان بكفاءتهما العلمية وحرصهما على أخلاقيات وشرف المهنة.

وأشير إلى أنه أتيحت فرصة حفظ المني في بنوك خاصة،عبر العالم، في السنوات الأخيرة من القرن العشرين الميلادي، ولم يعمل بها في المغرب إلا منذ عشر سنوات تقريبا .

إلا أن المغرب، للأسف، لا يتوفر على سجل وطني، يسجل فيه الكميات المخزنة من الحيوانات المنوية أو البويضات، وتفاصيل أخرى قد لا تقل أهمية. إذ نرجو كأطباء أن يخرج هذا السجل إلى أرض الواقع، حتى يطمئن الناس لهذه التقنية ويتقون بها أكثر
كما نرجو أن يحدث المعنيون مركزا مرخصا من طرف الدولة، يعتمد على سجل تضبط فيه جميع المعلومات.

٭ ما هي التقنية المتبعة لتخزين المني؟ وما هي نسبة الخطأ المحتملة في عملية التخزين؟
ـ بالنسبة للسؤال الأول، يتوفر بنك المني على مخازن ذات خصائص فيزيائية وكيميائية مناسبة، تسمح بحفظ المني لفترة من الزمان قد تصل لربع قرن، يسترجع وقت الطلب بنفس الجودة الأولى، ومن دون أن يفقد أحد خاصياته.

وتحفظ الحيوانات المنوية بثلاجة خاصة في درجة حرارة متدنية جداً تصل إلى أقل من 196 درجة مائوية لاستخدامـها في ما بعـد في عمليات التلقيح الصناعي أو ما يعرف لدى الغالبية بأطفال الأنابيب.

ويستعمل لهذا الغرض علب أو أنابيب خاصة بها سائل"الآزوت" الذي يضمن للحيوانات المنوية المضافة إليه، الحفاظ على البرودة بها وبالتالي على جودتها، وحفظها من الأشعة والتلوث.

أما في ما يتعلق بنسبة حدوث خطأ في عملية التخزين، ليطمئن الجميع، لأنها عملية مضمونة وخالية تماما من الخطأ، وذلك لاعتماد هذه النوعية من البنوك، لتقنيات وطرق منظمة في الأرشفة، بحيث تضع جميع البيانات والمعلومات على الأنابيب المخزنة، مما لا يسمح بالوقوع في خلط الأنابيب بعضها ببعض، أو عند إرجاع النطفة إلى المعني بالأمر.

وأضيف مسألة أخرى، إن بنوك المني بالمغرب، كما هو الشأن في جميع البلدان الإسلامية، لا يسمح بإجراء عملية التلقيح الصناعي، إلا بالنسبة للزوجين، بحيث لا يمكن استعمال مني رجل غير الزوج أو بويضة غير الزوجة.

وهذه البنوك تتبع مسطرة صارمة، بحيث لا يمكن لها أن تعمل من دون التأكد من هذه المسائل عن طريق الوثائق المثبتة لحالة الزواج.

٭ أكيد أن هناك مصاريف مالية يتحملها المعنيون بالأمر لتخزين نطفهم؟
ـ أجل، فالمعني بالأمر يؤدي سنويا مبلغا ماليا لبنك المني، لا يتعدى في أكثر الحالات 3000 درهم في السنة.

٭ ما هي نسبة نجاح التلقيح الصناعي بعد قطع كل هذه المراحل؟ تصل نسبة نجاح عملية التلقيح الصناعي إلى 25٪، لكنها غير قليلة كما قد يعتقد البعض، بالنظر إلى نسبة نجاح عمليات التخصيب داخل الرحم الطبيعية، إذ لا تتاح للزوجين كمعدل عام، سوى ثلاثة أشهر في السنة كفرصة للإنجاب.

وتعود نسبة النجاح المذكورة لأسباب متعلقة بالزوج وأخرى متعلقة بالزوجة، فنسبة الحمل مع الحقن المجهري عند السيدات اللائي تجاوزن الأربعين عامًا تنخفض كثيرا، لذلك يحرص الأطباء المختصون في هذا المجال، عند تحضير المرضى للحقن المجهري أو أطفال الأنابيب، إخبار الزوجين بهذه الحقائق حتى لا يتهم الطبيب بالتدليس أو الكذب.

٭ ما رأيكم أن تقدموا تعريفا مبسطا عن عملية التلقيح الصناعي؟

ـ بطريقة مبسطة،عملية أطفال الأنابيب، هي عملية تلقيح خارج قناة فالوب، وهو المكان الطبيعي للتلقيح.
وذلك عن طريق أخذ بويضات من المبيض، بواسطة إبرة خاصة عن طريق الموجات فوق الصوتية، ثم وضع هذه البويضات مع الحيوانات المنوية للزوج في وعاء خاص مع وجود سائل خاص يساعد البويضة والحيوان المنوي على التلقيح، وبعد فحص البويضات تحت المجهر والتأكد من تلقيح البويضة يتم نقل هذه البويضات الملقحة داخل الرحم بعد اليوم الثالث.
وبعد أسبوعين يتم إجراء اختبار حمل في الدم، وبعد ثلاثة أسابيع يتم عمل موجات فوق صوتية للتأكد من وجود كيس الحمل داخل الرحم.

وتجرى العملية بعد إخضاع السائل المنوي للزوج لتحاليل طبية، والشيء ذاته لهرمون Fsh للزوجة، كما يلجأ إلى وسائل لحث المبيض على إنتاج أكبر عدد ممكن من البويضات بواسطة الهرمونات، بحيث تخضع الزوجة لعلاج هرموني لا يفوق شهرا.

ويعتبر تنشيط المبيض ضروريا، لأنه بزيادة عدد البويضات، يزيد احتمال نجاح العملية، وإذا أنتج المبيض أقل من ذلك فإن العملية تؤجل إلى الدورة التالية لإعطاء فرصة أفضل لحدوث الحمل، ونسبة النجاح تقل كلما قل عدد البويضات التي ترصد بواسطة جهاز الموجات فوق الصوتية المهبلي لتحديد حجم البويضة.

٭ وماذا عن تكلفة إجراء عملية التلقيح الصناعي؟
ـ لحسن الحظ، انخفضت التكلفة المالية لإجراء هذا النوع من العمليات المساعدة على الإنجاب، فبعد أن كانت تكلفتها تتعدى 70 ألف درهم في السابق، أصبحت الآن تتراوح ما بين 25 ألف درهم و30 ألف درهم .

٭ هل تودون تقديم نصيحة بخصوص هذا الموضوع؟
ـ أجل، أدعو الأمهات وبشدة، إلى فحص أبنائهن ومراقبة خصيتهم عند الاستحمام، وذلك من أجل التحقق من نزولها إلى كيس الصفن، المكان الطبيعي لنزول الخصيتين
فإذا شكت الأم في وجود تشوه خلقي بهما، عليها مراجعة الطبيب من أجل العلاج لتفادي مشاكل نفسية واجتماعية يمكن أن يعاني منها الذكر عند كبره.




تابعونا على فيسبوك