مسرح أفروديت

التكامل بين جمالية النص والمتعة البصرية

السبت 18 فبراير 2006 - 14:53
لقطة من مسرحية نوستالجيا

عن نص للكاتب الروماني ماتيي فيزنياك، أعدت فرقة مسرح "أفروديت" عرضا مسرحيا جديدا يحمل عنوان "نوستالجيا"، وهو من إخراج عبد المجيد الهواس ورضا العبدلاوي، وتشخيص هاجر گريگع وعادل التراب.

ي
وضح مخرجا هذا العمل أنهما استهوتهما كثيرا عملية اكتشاف مرجعيات فنية عدة، وهما بصدد الإعداد لمسرحية "نوستالجيا"، إذ وجها رؤيتهما للإخراج انطلاقا من مجموعة من الأعمال التشكيلية، تتقدمها أعمال الرسام البلجيكي "روني ماغريت"، نظرا لتلاقي الشاعري في رهافته بين لوحات هذا الأخير ونص ماتيي فيزنياك الذي اشتغلت عليه فرقة مسرح "أفروديت".

ويضيف المخرجان أن رهاناتهما المسرحية التي تبنياها منذ اشتغالاتهما الأولى تحرص على التكامل بين جماليات النص المسرحي وضرورة المتعة البصرية.

"وعبر ذلك ـ يقول الهواس والعبدلاوي ـ تجتمع لدينا عناصر الفرجة انطلاقا من مرجعية نظرية بسيطة أسس لها غوردن إدوارد غريك في بدايات القرن العشرين.

المسرح ليس هو لعبة الممثل، أو النص المسرحي، وليس هو الإخراج أو الرقص، إنه مركب من مجموع العناصر التي تكونه : الحركة التي هي روح اللعب، الكلمات التي تشكل جسد النص المسرحي، الخطوات والألوان التي تجسد فعلية الديكور، والإيقاع الذي هو جوهر الرقص، وبذلك أسس غريك رفقة أدولف أبيا أسس الإخراج الحديث، انطلاقا من تجانس عناصر الفرجة التي يحتل فيها صدق الأداء الحركي وفعالية السينوغرافيا والإضاءة مكانة قصوى لتوليد الخبايا السرية للنص المسرحي".

ويتابع المخرجان قولهما : "إن وظيفة اللوحة التشكيلية داخل العرض المسرحي ليست رهانا تزيينيا إن اللوحة ليست جزءا إنها مكتملة في كينونتها، غير أنها ـ في سياق اشتغالنا ـ تصبح ذات دلالة ووظيفة أخريين إنها عنصر درامي فهي مستقلة كعمل فني ومتحللة داخل باقي العناصر الدرامية.

لذلك، فنحن نعيد تفكيكها كي تصبح انسيابية داخل العمل المسرحي إن وعينا بمطب الانزلاق نحو كولاج هش يسلحنا بالتأني وبتعميق العلائق التي يتم فيها التلاقي بين الشخصيات داخل المسرحية، والعناصر التشخيصية داخل اللوحة، فهما يبدآن منفصلين، إذ توهمنا اللوحة بكونها عنصرا تزيينيا منفصل عن مضمون الأداء التمثيلية، ثم يتدرج هذا الحضور المزدوج بين اللوحة والممثل إلى تجانس أكبر، فتتحول بعض المشاهد داخل المسرحية إلى اللحظة التخيلية ـ المحتملة ـ التي رتب فيها الرسام عناصر لوحته
إن أجساما أو فضاء ومن زاوية بصرية محددة، قبل أن يشرع في إنجاز اللوحة.

إن التفكيك الذي نقوم به هو أساس التراكيب اللاحقة، إذ تنتفي اللوحة كحضور مادي لتصبح المشهد المسرحي ذاته، بأبعاده الثلاثة التي تقودنا إلى التجسيم والذي هو خاصية النحت، وتأتي الإضاءة ببعدها الرابع الذي هو الزمن.

هكذا نصبح في قلب اللوحة وخارجها، يعني أننا في عمق المسرح".

عن المسرحية
يلخص معد مسرحية "نوستالجيا"، الفنان عبد المجيد الهواس، العمل في السطور التالية : يستيقظ السيد "بيلهول" على جسد امرأة ترقد بجانبه لا يعرف من أين أتت، لكنها تذكره بسهرة كان يعزف فيها السكسفون ويقرأ لها فيها أشعار بودلير .

ورغم ذلك، ففي استيقاظه يبدأ العالم كما لو كان سيرتب من أوله تبدو المرأة مستعجلة في أن تنصرف, لكنها لا تغادر إلا بعد أن تعده بأن تقطف وإياه تسع ليال أخر .

هكذا تبدو الحكاية، حكاية أبطالها أصوات في شريط تسجيل الهاتف سكان عمارة لا نراهم إلا عبر أصواتهم, عصافير وهمية تتوالد من لذة الضوء مثل الفطر، وأشجار يروي عنها السيد "بيلهول" ذكريات أم كانت تقضم منها الفاكهة كي تتذكر الأبناء الذين رحلوا وظلت الأشجار تدل عليهم.

وتتسرب الحكايات عبر تردد المرأة ـ التي لا تحمل اسما ـ على بيت السيد "بيلهول"
كل مساء ينمو الدفء الغامض في حياة هذا الرجل.

هل كان حبا؟ هل كان يحلم احتضاره مقيدا بمحبة امرأة هطلت عليه؟ لا أحد منا يعلم
هكذا سيصير خفيفا
هكذا سيصير خفيفا
هكذا سيصير خفيفا
هكذا سيصير لا مرئيا
والليالي التي تبدأ، لا تنتهي إلا بعرس.

عن المؤلف
ولد ماتيي فيزنياك شمال رومانيا سنة 1956، درس التاريخ والفلسفة وأبدع في الشعر قبل أن يكتب للمسرح سنة 1977، فكتب أزيد من عشرين مسرحية ورواية، وأنجز سيناريو لفيلمين، رفضت كلها من طرف الرقابة الرومانية.

وابتداء من سنة 1987 جال كثيرا في أوروبا واستقر في أنجلترا، قبل أن يعود أدراجه إلى فرنسا، حيث طلب اللجوء السياسي ليستقر في باريس.

بعد سقوط النظام الشمولي في رومانيا أصبحت مسرحيات فيزنياك الأكثر عرضا، حيث حصل على عدة جوائز رفيعة في جل مسرحياته، يمتاز فيزنياك بحياكة العزلة
شخصياته ضامرة بفعل الوجود ـ وهو ثراؤها الوحيد ـ تمتح منه وفي صمته تنام
لا أحد يعلم من أين أتت ولا أحد يستهويه أين ستمضي.




تابعونا على فيسبوك