حكم عليهن بالسجن 70 سنة

ثلاث سجينات يتشبثن ببرائتهن من جريمة قتل

الجمعة 17 فبراير 2006 - 13:00

تنظر غرفة الجنايات باستئنافية الدارالبيضاء، يوم العشرين من الشهر الجاري، من جديد، في ملف المتهمات الشقيقتان فتيحة زياد ( 1972 ) ونادية زياد 1974) ووالدتهما عائشة الأزهر ( 1950 اللواتي أدنن في جريمة قتل.

وحكم على عائشة وابنتها فتيحة بالسجن 25 سنة وبـ 20 سنة سجنا نافذا لنادية. وتوبعن بتهمة القتل العمد مع سبق الأصرار والترصد. وبأداء المدانات تضامنا تعويضا لأهل الضحية "خديجة" قد بـ 15 ألف درهم لفائدة زوجها و 20 ألف درهم لفائدة ابنيها و 10 آلاف لفائدة والدها والمبلغ نفسه لفائدة والدتها. وستنظر محكمة الاستئناف في هذه القضية، بعد مرور تسع سنوات على وجود المتهمات بالسجن المركزي عكاشة، وبعدما قضت الغرفة الجنائية بالمجلس الأعلى للقضاء، بنقض وإبطال الحكم الابتدائي الصادر في هذه النازلة، وإحالة القضية على المحكمة ذاتها للبت فيها من جديد.

وبررت الغرفة الجنائية بالمجلس الأعلى للقضاء، حكمها هذا بكون محكمة الاستئناف، اعتمدت في اصدار حكمها السابق بادانة المتهمات من أجل جناية القتل العمد مع سبق الإصرار، معتمدة في ذلك على محاضر الضابطة القضائية المتضمنة لاعترافاتهن، التي تراجعن عنها أثناء التحقيق والمحاكمة، من غير أن تلجأ المحكمة إلى أي دليل آخر.

وتوصلت "الصحراء المغربية" بشكاية من عبد اللطيف زياد، شقيق السجينتين فتيحة ونادية، تحت عنوان "شكاية ايضاحية لحماية معتقلات من حكم تظلمي تم نقضه" تطالب فيه السجينات الثلاث بانصافهن من الاعتقال التظلمي الذي طالهن على جريمة لم يرتكبنها وتم تلفيقها لهن، ويطالبن بالتعجيل ببرائتهن من حكم 70 سنة بعد تسع سنوات قضينها في السجن. إذ مازلن حسب الشكاية ـ يتشبتن ببرائتهن من تهمة القتل العمد واعتبار التهمة ملفقة.

وذلك بعد تدخل احدى الشخصيات النافذة والوازنة في الملف، اضافة إلى تقديمهن عددا من الأدلة على برائتهن وعدم وجود أدلة ضدهن، واستند قرار المجلس الأعلى، القاضي بنقض وإبطال الحكم الصادر عن غرفة الجنايات، بتاريخ 07/03/2000 ، وإعادة القضية إلى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، للبت فيها من جديد، طبقا للقانون وهي متركبة من هيئة أخرى، على عدة دلائل وهي: " حيث إن الثابث من تنصيصات القرار المطعون فيه أن المحكمة اعتمدت في ادانة الطاعنات من أجل القتل العمد مع سبق الاصرار على محضر الضابطة القضائية المتضمن لاعترافاتها، والذي تراجعت عنه أثناء التحقيق والمحاكمة من غير أن تلجأ في تعزيزه إلى أي دليل آخر باعتباره مجرد بيان، ومن غير أن تستنفد وسائل التحقيق المتاحة لها والتي ما فتئت الطاعنات يتمسكن بها والمتجلية في استدعاء كل الشهود ومنهم بائع البنزين المستعمل في اضرام النار مما يجعل قرارها والحالة هذه ناقص التعليل معرضا للنقض والإبطال وحيث إن حسن سير العدالة يقتضي احالة القضية والأطراف على المحكمة نفسها".

وجاء في عريضة الطعن بالنقض في القرار الجنائي المقدم للمجلس الأعلى للقضاء، التي رفعها دفاع المتهمة عائشة الأزهر وابنتيها، أن الضابطة القضائية استمعت في اطار هذه القضية إليهن ثم اتبعت ذلك بالإستماع إلى الشهود الذين عاشوا الأحداث وعاينوها. ورأت مذكرة النقض ذاتها أن على الضابطة طبقا للقانون الاستماع إلى الشهود ثم المتهمات.

وتحدثت المذكرة ذاتها عن ما أسمته بالتناقض والتضارب، الذي لحق تواريخ الاستماع إلى المتهمين والشهود. والتمس الدفاع من المجلس الأعلى البحث والتحقيق في ذلك لإكتشاف هذا التزوير وثبوته.

واعتبر دفاع عائشة الأزهر وابنتيها في مذكرته، أن هذا التصرف غير مشروع وخارج الإطار المسموح به للضابطة ويكون بالتالي خاضعا للعقاب طبقا للقانون ومقتضيات الفصل 225 من القانون الجنائي الفقرة الأولى والثانية. ورأى الدفاع أن هناك عاملا آخر، يتمثل في ظهور علامات التعذيب والإكراه على عائشة الأزهر وابنتيها .الأمر الذي اقتضى بالنسبة للضابطة القضائية، التريث في تقديم المتهمات حينها إلى النيابة العامة.

وأضافت المذكرة ذاتها أن الضابطة القضائية، لم تستمع إلى بائع البنزين، الذي من المفترض أنه باع البنزين للمتهمات، حيث تم غض الطرف عن ذلك. وهي نقطة مهمة في هذه القضية، حيث اعتبر الدفاع حسب مذكرة النقض، أن بائع البنزين يعتبر وسيلة من وسائل الإثبات الدامغة.

وخلصت مذكرة دفاع الأزهر وابنتيها، إلى أن التصريح بخلاف الواقع يعتبر بمثابة زور في المحضر، وأن المشرع جعل ضمن مقتضيات الفصل 765 من قانون المسطرة الجنائية، أن الإجراءات التي يأمر بها القانون ولم تنجز، تعد كأن لم تنجز. كما خلصت المذكرة إلى أن القواعد الأساسية في القانون الجنائي، خرقت في هذه النازلة. شأنها في ذلك شأن نصوص تشريعية آمرة. كما تعرض حسب المذكرة حق الدفاع إلى الخرق لم تعلل المحكمة قرارها السالف الذكر مما يستوجب ابطاله واحالته على استئنافية غير استئنافية الدارالبيضاء.

من جهة أخرى، رأى دفاع عائشة الأزهر، أن المحكمة أدانت الأخيرة وابنتيها، من أجل جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار من دون ابراز القصد الخاص ومن دون اثبات الوقائع الدالة على سبق الإصرار. وأوضحت مذكرة الدفاع ذاتها، أن ركن سبق الإصرار، لا يكتفي بالقصد بل يشترط قصدا آخر إضافيا وهو القصد الخاص ومعنى ذلك أن يكون فعل الإعتداء على الضحية ثبوتا قطعيا، يؤكد رغبته في ازهاق روحه لأن الجناية القتل من الجرائم القصدية، التي يمنع على القضاء اصدارعقوبة في شأنها إلا بعد إثبات وجود القصد لأن المشرع المغربي يشترط وصفين أساسيين وهما العلم والإرادة. وتحدثت المذكرة ذاتها، عن ما اعتبرته سيناريو محبوكا من طرف أسرة الضحية للإيقاع بالمتهمات المذكورات، اللواتي هن في الوقت نفسه جارات لهن، وأن أهل الضحية اتفقوا على الباس المتهمات خاصة الأم عائشة تهمة القتل العمد لإدخالها إلى السجن. فعمدوا إلى اشعال النيران في ابنتهم الضحية "خديجة" بشكل يمكن تداركه وانقادها، واتهام عائشة وابنتيها بفعل ذلك. لكن الأمور سرت بغير المخطط له واشتعلت النيران في اطراف جسد خديجة بشكل لم تستطع مقاومته - بحسب مذكرة دفاع عائشة الأزهر وابنتيها.

ومن المنتظر أن تستأنف جلسات النظر في هذه القضية من جديد، باستئنافية الدارالبيضاء، التي عينت هيئة جديدة للبت فيها لوجود حالة التنافي، لكون المتهمات ما زلن يتشبثن ببرائتهن، ويطالبن باعادة استدعاء مجموعة من الشهود الذين لم يتم الاستماع إليهم خلال التحقيق معهن.




تابعونا على فيسبوك