أفردت العصبة المغربية لحماية الطفولة بحثا ميدانيا حول موضوع "التسول والأطفال"بولاية الرباط سلا الصخيرات تمارة، وخصت بهذا البحث، الذي أنجز بشراكة مع التعاون الوطني، وبدعم تقني من وزارة الصحة، شريحة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 12 سنة، سواء كانوا يمارسون ا
شمل البحث 503 حالات، من بينهم 273 طفلا تتراوح أعمارهم بين أقل من سنة و7 سنوات، وكانوا مرفقين بأشخاص بالغين وتصل نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن السنة، ضمن هذه العينة 18،6 بالمائة من الذكور مقابل 14،7 من الإناث، ويشكل الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين سنة وسبع سنوات، ثلثي العينة موضوع البحث، ضمنهم 38،1 بالمائة ذكورا و28،6 إناثا.
وأظهرت البيانات أن معدل السن الذي بدأ فيه المرافقون ممارسة التسول هو 30 سنة، بينما شرع بعضهم في التعاطي للتسول في سن مبكرة تقل عن 12 سنة، وبعضهم بعد تجاوز سن الأربعين. البحث الذي عرضت نتائجه خلال اليوم الدراسي للتفكير حول هذه الظاهرة، الذي نظمته العصبة قبل حوالي سنة، صنف التسول في ثلاثة أنواع، وترتبط بأصل المتسول العالم القروي أو العالم الحضري، وبوتيرة النشاط تسول دائم أو موسمي، وبالحالة الجسمانية للمتسول هل هو شخص معاق أم لا، وخلص البحث إلى أن التسول الموسمي مرتبط بالهجرة القروية للسكان خصوصا في فترات الجفاف، وأن التسول الدائم مرتبط بالأوضاع الصعبة للمتسولين.
ووقف البحث على التسول المرتبط بالجانب الثقافي للعائلة وحسب نتائج البحث، فإن ثلاثة من بين كل أربعة متسولين غير موسميين، مقابل 25 في المائة متسولين موسميين، وحول أماكن ممارسة التسول أشار البحث إلى المساجد والشوارع والأسواق والمتاجر العصرية بالنسبة لفئة الأطفال المتراوحة سنهم مابين أقل من سنة وسبع سنوات.
وأظهرت الدراسة أن نصف هؤلاء المتسولين يقضون اليوم كله في التسول، وأن 29 بالمائة يمارسون التسول خلال الفترة الصباحية، مقابل 15 بالمائة في الفترة المسائية وحسب البحث فإن المتسولين ينتقلون من مقرات سكناهم إلى أماكن التسول مشيا على الأقدام بنسبة 55 بالمائة، وبواسطة الحافلة أو سيارات الأجرة بالنسبة لـ 38 بالمائة، و7 بالمائة من هؤلاء يستعملون وسائل أخرى. وحسب البحث، فإن الغالبية العظمى من هؤلاء المتسولين، تحصل على أقل من 50 درهما في اليوم، بينما يحصل الربع منهم على أكثر من 100 درهم في اليوم.
وأكد البحث أن 15 بالمائة من المبحوثين، صرحوا أنهم يكترون الطفل للتسول به، ويتباين مبلغ كراء الطفل حسب سن الطفل وجنسه وعدد أفراد عائلة الطفل، وأشار البحث إلى أن مبلغ الكراء يتراوح ما بين 50 و100 درهم في الأسبوع، ويلخص البحث دوافع الاستعانة بالأطفال للتسول في الحراسة بنسبة 50 بالمائة، والحصول على المزيد من النقود بنسبة 27 بالمائة، وإثارة الشفقة بنسبة 18 بالمائة، في حين عبر 5 بالمائة من المبحوثين عن أنهم يستعينون بهؤلاء الأطفال كمرافقين أو كمرشدين.
وتشير الدراسة إلى أن 18 بالمائة من آباء هؤلاء لهم عمل معين وقار العينة الثانية التي شملها البحث، تضم 230 طفلا تتراوح أعمارهم مابين 8 و12 سنة، وقد قابلت فرقة البحث 33 بالمائة منهم في الشارع، و25 بالمائة بالمتاجر العصرية والأسواق، بينما التقت 10 بالمائة منهم بالمحطات الطرقية، و9 بالمائة بالمقاهي والمطاعم، و6 بالمائة بالمقابر والأضرحة، وبأماكن أخرى التقى فريق البحث 5 بالمائة من هذه العينة.
وورد في نتائج البحث أن ثلاثة أرباع 173 هذه العينة هم ذكور، بينما ينحصر عدد الفتيات في 57 وتصل نسبة الذين لم يسبق لهم أن التحقوا بالمدرسة 25 بالمائة، بينما 9 بالمائة منهم ترددوا على الكتاتيب القرآنية، و64 منهم وصلوا إلى المستوى الابتدائي، بينما 3 بالمائة فقط من هذه العينة وصلوا إلى المستوى الثانوي.
وحسب نتائج البحث، فإن نسبة 31 بالمائة من هذه العينة تقطن في حجرة واحدة مع باقي أفراد العائلة، ويقطن 28 بالمائة في براريك، و19 بالمائة يتخذون من الشارع مأوى لهم، بينما يقطن طفل من بين كل خمسة أطفال بمسكن مستقل.
ولاحظ البحث، أن أكثر من 55 بالمائة من هؤلاء الأطفال يقطنون مساكن مكتراة، و35 بالمائة في ملكية أسرهم، و 10 بالمائة من هؤلاء الأطفال يقطنون بالمجان ولخص البحث أهم أسباب التسول في تخلي الأم أو الأب عن الطفل، وفاة الآباء أو الطلاق وسوء المعاملة من طرف الآباء أو العائلة، وغياب الأب بسبب السجن مثلا، وكثرة أفراد العائلة.
وحول مبررات التسول، أسفر البحث عن أن 42،9 بالمائة يتسولون من أجل مساعدة العائلة، ويتسول 27،3 بالمائة من هؤلاء الأطفال من أجل تلبية الحاجيات الأساسية من تغذية ولباس، ويتسول 11،3 بالمائة بسبب المشاكل العائلية، و9 بالمائة بسبب الفقر و2،6 بالمائة من أجل جمع النقود و1،7 بالمائة تأثرا بالأصدقاء و1،3 بالمائة لأنهم يفضلون العيش في الشارع، و1،3 بسبب اليتم، وتتسول النسبة نفسها لأسباب أخرى، ونسبة مماثلة لاتعرف لماذا تتسول.
وجاء في البحث أن 77،1 بالمائة من المبحوثين صرحوا أن التسول يساعدهم على امتلاك وكسب النقود وأن 2،6 بالمائة يولد لديهم الشعور بالابتهاج، وأن نسبة 10،4٪ يولد التسول لديهم التسول الشعور بالكآبة، فيما يعتبر التسول بالنسبة لـ 8،7٪ مصدرا للتعب.
ويتعرض هؤلاء الأطفال يوميا لعدة مشاكل منها الاعتداء والسرقة من طرف الكبار أو عصابات مكونة من الأطفال، والمشاجرة والملاسنة والتحرش الجنسي والأمراض وأبرز البحث أن الأطفال المتسولين يلجأون للعديد من الطرق والوسائل، كاستعطاف الناس وإثارة الشفقة والعطف وسرد بعض الحكايات والبكاء وارتداء الملابس المتسخة والتظاهر بالمرض والسرقة وتقبيل اليد والتصريح باليتم.
وجاء في كلمة كاتبة الدولة المكلفة بالأسرة والطفولة والأشخاص المعاقين، التي ألقتها خلال افتتاح اليوم الدراسي لتقديم البحث، أن محاور تدخل وزارة التنمية الاجتماعية، وفي إطار البرنامج الوطني لمحاربة الفقر والتسول، تتحدد في التأطير والتكفل بالأشخاص المتعاطين للتسول، وإعادة إدماجهم في مشاريع ملموسة، وتأهيل مراكز الاستقبال المخصصة لهذه الظاهرة وإعادة تحديد أهدافها ومهامها وجعلها آليات للمواكبة والادماج الاجتماعيين، إضافة إلى إحداث شرطة متجولة دائمة بالأحياء التي تشكل رافدا للمتسولين، وذلك بهدف الوقاية القبلية، ومنع التسول الاحترافي، وإعمال القانون الجنائي المتعلق بالتشرد والتسول لمنع استغلال الأطفال.