اختلف الأطباء حول ما إذا كان بلوغ الرجل سن اليأس، يشبه الذي يقابل انقطاع الطمث عند المرأة، وما إذا صح تسميته بـ سن اليأس عند الرجل
ولا شك أن الرجل في العمر الذي ينقطع فيه الطمث عند المرأة، يشتكي أيضا من تغيرات جسمية وعاطفية كبيرة، إذ يعرفون ما بين سن 40 و50 سنة، انخفاض مستويات هرمونات الذكورة، خاصة التيستوستيرون، كما يحدث لدى المرأة من انخفاض في مستويات هرمونات الأنوثة، لا سيما هرمون الأستروجين
ويصاحب هذه التغيرات الجسمية لدى المرأة، تراجع نشاط مبيضيها ما يؤدي بها إلى انقطاع الطمث لديها، وبالتالي العجز عن الحمل والإنجاب، في مقابل ذلك، يظل الرجل محتفظا بقدرته على الانجاب رغم هبوط مستوى الهرمون الذكري لديه، لكن مع ذلك يشارك المرأة، بعد بلوغ السن المذكور، العديد من التغيرات الجسمية والعقلية الأخرى
وتؤكد العديد من الدراسات الطبية المنجزة حول هذا الموضوع، أنه لا يتوفر سن محدد يمكن خلاله ضبط معدل »التستوستيرون« عند الرجل، إذ أنه يتفاوت من رجل لآخر، بل إن المحظوظين من الرجال، تظل يحتفظون بمعدلات مرتفعة من هذا الهرمون إلى حين بلوغهم فترة الشيخوخة، عدا الحالات التي يصاب فيها الرجل بمرض معين، يكون في هبط المعدل بشكل واضح
وتثبت العديد من الدراسات الطبية العالمية، أن شعار »الرجال المسنون بحاجة الى هرمونات«، الذي حملته مجموعة من اللقاءات الطبية العالمية، التي تناولت موضوع حاجة فقدان جسم الإنسان إلى مجموعة من الهررمونات ببلوغه سن معينة، أنه ليس دعاية تتشبث بها الصيدليات ومختبرات الأدوية، بهدف ترويج منتجاتها الذكورية، وإنما حقيقة واقعة تتعلق بسن اليأس عند الرجال
ويقر الأطباء الباحثون في المجال، بوجود انحسار هرموني عند الرجال في سن اليأس، مع تأكيدهم، بأن هذا الاضطراب الهرموني، لايجري بالطريقة المباغتة نفسها التي يجري فيها عند النساء
ومن المشاكل التي تواجه الباحثين، أن سن اليأس عند النساء، أنجزت حوله دراسات مطولة وتفصيلية طوال العشرين سنة المنصرمة، في مقابل محدودية المعطيات في ما يتعلق بالوضع عند الرجال
وتشير العديد من الدراسات العلمية، إلى أن نسبة »التيستوستيرون«، تبدأ بالانخفاض تدريجيا عند الرجل، منذ سن الأربعين، وذلك ب1 إلى 2 في المائة سنويا، مع التأكيد على أن هذه النسب لا تنطبق على كافة الرجال، لكن الثابت أن 25 في المائة من الرجال المتراوحة أعمارهم ما بين سن 60 و 80 سنة، يعانون من أعراض نقص هرمون التيستوستيرون
ومن انعكاسات هبوط نسب التيستوستيرون عند الرجل، حصول ضعف في جهاز المناعة لديه، وفقدانه لبعض أنسجة عضلات الجسم، وشعوره بالاكتئاب والخمول والضعف الجنسي، إلى جانب ضعف القوى العضلية لديه، وازدياد المعاناة من ألم الظهر والفتور، وضعف الرغبة الجنسية والانتصاب، كما يصبح مزاجه متعكر، وخلال الليل تنتابه نوبات عرق وارتفاع في درجة الحرارة
ويلاحظ الأطباء المعالجون لمثل هذه الحالات، أن معظم الرجال لا يتعاملون بجدية مع أعراض دخولهم لسن اليأس، رغم الأمراض الخطيرة التي قد تصيبهم نتيجة ذلك، وأبرزها مرض تنخر العظام وغيرها، مفيدين أن الرجل لا يتوجه عادة عند الطبيب، بسبب الخجل، ليشتكي تطورات سن اليأس لديه، إلا بعد ظهور ضعف حالة الإنتصاب لديه، علما أن العديد من الدراسات الطبية الحديثة، لم تثبت علاقة العجز الجنسي بانخفاض مستوى التيستوستيرون في الدم، بسبب أن »الجنس ليس غريزة تظهر بيولوجيا عند الإنسان بتأثير الهرمون الذكري فحسب، وإنما هو على علاقة وارتباط وثيقين بشخصية الإنسان وتكوينه، وعلى هذا الأساس، فإن فقدان الحياة الجنسية هو ليس النتيجة المباشرة لتقدم العمر، إنما هي انعكاس لموقف شخصي من الجنس أيضا
ويبين الأطباء أن التشخيص والعلاج بسيط للغاية، يستدعي التأكد من نسبة التيستوستيرون في الدم من خلال فحص عينة من الدم عند طبيب المسالك البولية، أو أخصائي أمراض الغدد
أما العلاج فيمكن وصفه من خلال الحقن، أو بالأقراص أو من خلال طرق طبية أخرى أكثر تطورا
ويشار إلى أن النقص الحاصل في الدراسات حول سن اليأس عند الرجال، دفع العلماء في سنة 1999، إلى عقد مؤتمر خاص للباحثين في الشوؤن الهرمونية في مدينة فايمار الألمانية، حيث قدمت 11 دراسة جديدة، ذكر في بعض منها البروفسور الألماني برونو لونينفيلد أن أعراض سن اليأس لاتبدأ عند الرجل بشكل واضح كما هو الحال عند النساء،
إذ يكون توقف العادة الشهرية أول مؤشرات دخول المرأة في سن اليأس، وأنه تتراجع نسبة التيستوستيرون عندالرجال بعد سن الأربعين بشكل ثابت، وبنسبة 1في المائة كل سنة إلا أنه لاوجود لمعيار قار بخصوص حدوثه
وتتوفرمواد أخرى التي تلعب دورا في تقدم العمر عند الرجل، إذ ثبت أن جسم الرجل يفرز بعد بلوغ الخمسين هرمون النمو المعروف بـ الميلاتونين وهرمون ديهايدرو ايبي اندروستيرون
ويتسبب نقص هذه المواد في العديد من المضاعفات، من أهمها زيادة عملية الهدم في العظام، وتقلص فترات النوم، وضعف الجهاز المناعي عند الرجل، كما تتغير عملية استقلاب الشحم، فترتفع نسبة الكوليسترول في الدم، وتزداد معها بالطبع مخاطر تصلب الشرايين ومخاطر الإصابة بجلطة القلب