يبذل الجميع، مؤسسات عامة ومجتمعا مدنيا، جهودا لجعل الشخص ذي الاحتياجات الخاصة كائنا فاعلا مساهما في إدماج نفسه ضمن المجتمع بمنحه الرعاية الصحية
والتربوية والحماية الاجتماعية والتمكن من الولوج للخدمات الاجتماعية، حتى لا تكون الإعاقة مسوغا للاستسلام أمام مسار الحياة، ولا مبررا للتهميش والإقصاء، وإنما حافزا على التحدي وإثبات الذات
وقام المغرب، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بجهود ملحوظة من أجل إشراك الاشخاص ذوي الحاجات الخاصة في سياسات وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهي الجهود التي ساهمت فيها المؤسسات العامة وهيئات المجتمع المدني على حد سواء
وفي هذا الإطار، أكدت مديرة المركز المهني والاجتماعي لتأهيل الأشخاص المعاقين ذهنيا، لطيفة الفاتحي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، بمناسبة إحياء اليوم العالمي للأشخاص المعاقين الذي يصادف ثالث دجنبر من كل سنة، »أن الجمعيات والمراكز تلعب دورا أساسيا في بناء شخصية الشخص المعاق ذهنيا وتطويرها بمساهمة العائلة من خلال تحسيس الرأي العام والدفع به للمشاركة في الاهتمام بهذه الفئة«
وأوضحت أن العائلة والتربية والعلاقة مع المحيط بالإضافة إلى طبيعة المعاق ووضعه داخل عائلته عوامل تشكل إطارا عاما تتبلور ضمنه شخصية الطفل المعاق
وأبرزت أن المركز، التابع لـ جمعية هدف التي أنشأت سنة 1997 بمبادرة من آباء وأولياء الأشخاص المعاقين ذهنيا، يقدم لمنخرطيه، الذين يتجاوز عددهم حاليا 40 شابا وشابة، تكوينا تربويا وعلاجيا من خلال عدة ورشات تستهدف أساسا مساعدتهم على اكتساب مهارات يدوية في مجالات البستنة والخياطة والطبخ وتأطير الصور
وذكرت أن المركز يستقبل الشباب الذين يفوق سنهم21 سنة قصد تأهيلهم للإندماج في الحياة المهنية المستقبلية، ويسمح لهم بتلقي مهن تحت إشراف مؤطرين تقنيين متخصصين
وأشارت الفاتحي إلى أن مبادرات الفاعلين المعنيين عرفت وتيرة سريعة، وأخذت أبعادا جديدة، سواء على مستوى الأهداف أو الآليات، خاصة بعد اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس العرش، وبفضل الجهود الجبارة التي يبذلها جلالته في هذا المجال
وتنسجم هذه الحركية التي عبر عنها المجتمع المدني مع السياسة الحكيمة التي ينهجها صاحب الجلالة الملك محمد السادس في هذا المضمار، والتي تحرص على إشراك ذوي الحاجات الخاصة في سياسات وبرامج التنمية توخيا للقضاء على كافة أشكال التمييز القائم على أساس الإعاقة، وتأهيل القطاعات المعنية بالمعاقين وشؤونهم من أجل تحقيق الهدف المشترك وهو الحماية والإدماج بمنحهم فرصة المشاركة في التنمية البشرية التي أعلن عنها في ماي سنة 2005
وفي هذا الصدد، قال جلالة الملك، في الخطاب الذي أعلن فيه جلالته عن انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، أنها تستهدف التأهيل، بكيفية متدرجة، سواء للطاقة الاستيعابية، أو لنوعية مراكز الاستقبال الموجودة، أو إيجاد أخرى جديدة متخصصة، وقادرة على استيعاب، ومساعدة الأشخاص في وضعية صعبة، كالمعوقين، والأطفال المتخلى عنهم
وقامت كتابة الدولة المكلفة بالأسرة والطفولة والأشخاص المعاقين، بدعم من الإتحاد الأوروبي، بإنجاز »بحث وطني حول الإعاقة« لتحويل التعامل مع هذه الشريحة من مجرد عطف وتكافل اجتماعي إلى مجهود كبير تشترك فيه الدولة ومختلف مكونات المجتمع
وأفاد هذا البحث، الذي قدمت نتائجه في مارس الماضي، أن في المغرب اليوم ما يقرب من مليون و530 ألف شخص في وضعية إعاقة وهو ما يمثل 5.12 بالمائة من سكان المغرب
وخلص إلى أن هناك أسرة واحدة من كل أربع أسر، أي ما يزيد عن مليون و300 ألف شخص معني ما دامت أسرته تتضمن فردا أو عدة أفراد معاقين
كما ركز هذا البحث على وضع وتحديد الإطار المفاهيمي للإعاقة وقراءة أفق انتظارات هذه الشريحة لإدماجها، على اعتبار أن تغييبها يحرم المجتمع من مشاركة شريحة لا يستهان بها في جهود بناء المجتمع
واختار الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان، في رسالته بمناسبة اليوم العالمي للمعاق، شعار »إمكانية الوصول إلى الوسائل الإلكترونية« كموضوع لهذه السنة، مؤكدا أن الحواجز التي كانت تقف عائقا أمام مشاركة ذوي الحاجات الخاصة في التنمية لم يعد لها مبرر
وحسب الأمين العام للمنظمة الأممية، فإن من شأن اتفاقية حقوق المعوقين، التي يتوقع أن تعتمدها الجمعية العامة، أن تعطي زخما إضافيا لهذا التوجه
واعتبر أن الدول التي تختار أن تصبح طرفا في الاتفاقية ستلتزم بموجب ذلك الاختيار باتخاذ ما يلزم من خطوات من أجل تزويد المعوقين بمعلومات موجهة لعامة الناس باستعمال الأشكال والتكنولوجيات السهلة المنال والملائمة لمختلف أنواع الإعاقة في الوقت المناسب وبدون تحميل المعوقين تكلفة إضافية و م ع