أكدت نتائج أبحاث ميدانية، حملت توقيع علماء واجتماع سويسريين، أن الصراعات الزوجية لا يجب النظر إليها دائما كمؤشر لسلبية العلاقة أو اقتراب أجل فشلها.
وتفيد الأبحاث أن من المشاحنات ما يعتبر ضروريا لضمان انسجام أكبر بين الزوجين، حيث جرى التوصل إلى أن أزيد من 40 في المائة من العلاقات الزوجية الناجمة والأكثر توافقا شهدت صراعات حادة في بدايتها.
وفي ظل افتقارنا لدراسات من هذا الحجم، فإننا وجدنا في بعض الشهادات البديل النسبي للاقتراب أكثر من تلك الخلاصات في علاقتها بمحيطنا، ناهيك عن رأي أستاذ علم الاجتماع محمد محسن، الذي قال في الموضوع "إنه من الأمور المسلم بها في العلاقات الاجتماعية عدم وجود انسجام مطلق أو تنافر مطلق ويعتبر هذا في حد ذاته الأساس الذي تنبني عليه كل رابطة سواء بين شخصين أو أكثر".
ويضيف المحلل الاجتماعي بأن بلوغ التوافق الذي يتطلع إليه كل طارقي أبواب الحياة الزوجية، لا يكمن أن يتأتى من دون عيش لحظات مشحونة ببعض التوتر، إذ من خلالها يتمكن كل طرف من معرفة نقط الخلاف والتواصل التي تجمعه بشريكه، والغاية طبعا يخلص المحلل، هي القفز على كل ما من شأنه أن يشوش على مستقبل العلاقة .
وفي السياق ذاته، لم يخرج رأي عائشة 52 سنة عن ما أدلى به المحلل الاجتماعي، وإذ أفادت بأن الصراعات الزوجية بصرف النظر عن طبيعتها، تنم عن أن هناك استعدادا ضمنيا لتجاوز نقاط الخلاف في سبيل الوصول إلى نقاط التآلف بين الشريكين، وتستطرد عائشة موضحة "أعتقد بأن أكثر ما يمكن أن يسيء للعلاقة الزوجية ليس الصراع.
وإنما الجمود الذي يفضي إلى عزوف كل طرف عن إبداء رأيه في أمر من الأمور، وهذا للأسف هو ما نلاحظه في أغلب الزيجات، حيث يسود العناد ويعرض كل زوج عن السماع للآخر، مما يولد برودا في العلاقة ويفرغها من أي معنى".
ومن جهتها، استبعدت خديجة 30 سنة أن تكون للمشاحنات الزوجية نتائج إيجابية مستدلة في قولها بكون مجمل حالات الطلاق التي يشهدها وسطنا تحدث بسبب خلافات بسيطة، وهو الأمر الذي تعتبره حجة على عدم استفادة أزواج من تلك الخلافات، بل وعدم قدرتهم على فك رموزها لتحسين مستوى تواصلهم الخطابي، وبالتالي تقول خديجة"يصبح الخلاف االبسيط مع توالي الأيام مشكلا ضخما لا يرى المعنيان به مسلكا لتجنبه سوى حل الطلاق".
أما سلوى 33 سنة، فإنها لا تتصور تفاهما بين زوجين على المدى البعيد دون أن يكون كل طرف مدركا للجوانب السلبية والإيجاببة الخاصة بالطرف الآخر، وهذا لا يمكن حصوله في غياب مشاحنات سابقة، إذ من خلالها تقول سلوى "يكشف الوجه الحقيقي للشريك، وتتاح بالتالي لشريكه إمكانية تجنب ما يزعجه من الطباع، وكذلك استمرار في ما يتوافق وميولاته".
وبخصوص رأي الأزواج يقول عبد الصمد 37 سنة "يبقى من الصعب إعطاء حكم حاسم في الوضوع، والسبب هو توقف مدى نجاعة تلك المشاحنات من عدمها على مستوى وعي الزوجين، إذ من الممكن أن يحصل الخلاف نفسه في أسرتين مختلفتين، لكن الانعكاسات تكون متباينة تماما".
ويختم عبد الصمد قوله "أشرت لمسألة الوعي لكون الخلافات بين الزوجين تصل أحيانا تبعاتها المُؤَدية إلى الأطفال، نظرا لجهل البعض بأسس اختيار الظرف والمكان المناسبين للنقاش، ولا نصبح حينها أمام خلاف بين طرفين فحسب، بل في مواجهة ضحية ثالثة (الطفل)، التي قد تشبع بما عايشته وتعتبره الأسلوب الأمثل لحل النزعات".