ما تشهده كأس الأمم الإفريقية الخامسة والعشرون يؤكد بالفعل أن الصحافة مهنة المتاعب , في مصر يعيش رجال الإعلام وخاصة الأفارقة والعرب منهم، ظروفا صعبة .
يعيشون بين لامبالاة المنظمين وتعنث بعض المدربين، وانتشار المنتخبات في أطراف مترامية من العاصمة العملاقة القاهرة، مما يطرح مشكلا أمامهم عندما يرغبون في زيارة البعض منها، وتكفي الإشارة إلى أن زيارة مقر إقامة المنتخب المغربي تتطلب ساعتين من الوقت ركوبا في السيارة بين الذهاب والإياب إذا لم يكن الازدحام شديدا في القاهرة .
منذ ان عرفت طريقها إلى النور بقيت الصحافة هي مهنة البحث عن المتاعب، وهو ما ينطبق تماما على ما يحدث حاليا في نهائيات كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم الخامسة والعشرين التي تستضيفها مصر حاليا وتستمر حتى 10 فبراير المقبل. المتاعب الصحفية لم تقتصر على النوع المعتاد سواء في صعوبة العثور على الخبر أو الوصول إلى المصدر لكن الجديد الذي تنفرد به أمم إفريقيا 2006 كان دخول الصحافة قفص الاتهام بعدما وصل الأمر إلى ان بعض المدربين لم يكتفوا بإلقاء المسؤولية على شماعة التحكيم المعتادة لكنهم حولوا البوصلة في اتجاه الصحافة ووصل الأمر مع بعضهم إلى التفكير في تحرير محاضر في اقسام الشرطة ضد الصحافيين بدعوى انها تشتت أفكارهم وتفقد اللاعبين تركيزهم .
معاناة الصحفيين في أمم إفريقيا 2006 بدأت مع اللجنة المنظمة التي أصدرت بطاقات الاعتماد لكل من هب ودب فاختلط الحابل بالنابل وتحولت المراكز الإعلامية ومدرجات الصحافيين إلى سوق عكاظ .
وبات الاقبال على حضور المؤتمرات الصحفية يفوق الاقبال على المجمعات التجارية التي تعرض السلع زهيدة الثمن، فاضطرت اللجنة لابتكار نظام جديد لتنظيم عملية الدخول إلى المدرجات وأماكن تنظيم المؤتمرات وهي تخصيص دعوات للمباريات والمؤتمرات أي ان بطاقة الاعتماد التي سبق وتم استخراجها لم تعد ذات قيمة .
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد لكن الأزمة أتت في توزيع تلك الدعوات الجديدة التي تذهب في البداية لمندوبي وسائل الإعلام الغربية التي تحظي بدلال خاص من المسؤولين في الاتحاد الإفريقي وبعدها يأتي دور الصحافة الإفريقية ثم الصحافة المحلية وإذا حاولت تقمص دور الشجاع وحاولت اقتحام مؤتمر صحفي فإنك سوف تتعرض لا محالة لمعاملة أشبه بإبعاد المتظاهرين من جانب المنظمين .
وإذا فضلت السلامة وقررت الابتعاد عن اجواء المعركة والتفكير في الذهاب لاحد الفنادق للعمل بهدوء ومقابلة من تريد فإنك سوف تجد فرق المجموعتين الاولى والثانية في العاصمة المصرية القاهرة وقد توزعت على 7 فنادق يبعد كل منها عن الآخر مسافة لا تقل عن عشرات الكيلومترات وبطبيعة الحال سيكون التنقل بينها في حاجة إلى وسيلة مواصلات فضائية حتي تتمكن من الوصول إلى فندقين فقط في اليوم الواحد بسبب الازدحام المروري لشوارع القاهرة .
المنتخب الكاميروني فضل الابتعاد عن أجواء وضوضاء العاصمة واستقر في احد منتجعات مدينة 6 اكتوبر في الطريق الصحراوي، وبجوار أهرامات الجيزة يقيم المنتخبان الانغولي والكونغولي في فندق واحد بينما وفي فندق آخر على حدود الجيزة يقيم المنتخب الطوغولي .
وعلى نفس الدرب سار المنتخب الايفواري واستقر في ضاحية على أطراف العاصمة بينما حول المنتخب الليبي مكان إقامته إلى فندق قريب من مطار القاهرة الدولي بينما فضل المنتخب الوطني المغربي الإقامة في فندق بمحاذاة نادي الشمس البعيد الذي تفصله أمتار قليلة عن طريق الاسكندرية الزراعي .
واستقر المنتخب المصري في أحد فنادق القوات المسلحة المصرية بجوار الملعب الدولي للقاهرة .
يأتي الدور هذه المرة مع مدربي المنتخبات وفي مقدمتهم الفرنسي هنري ميشيل مدرب منتخب كوت د يفوار الذي أصدر قرارا بحرمان رجال الصحافة من الاقتراب من لاعبي الفريق وأعلن انه حضر إلى القاهرة من أجل الفوز بلقب كأس الأمم الإفريقية وليس من أجل اجراء حوارات مع الصحافة في الوقت الذي بدأ يتعرض فيه ميشيل للانتقادات اللاذعة بعدما أجمع المراقبون على ان المنتخب الإيفواري لم يظهر بالمستوى الذي يليق به كواحد من أبرز فرق القارة والذي تأهل إلى نهائيات كأس العالم على حساب مصر والكاميرون وخطف الفريق الإيفواري فوزين لا يستحقهما على حساب المغرب وليبيا .
محمد فاخر مدرب المغرب كان له اتجاه آخر وأعلن انه ينوي فعلا تحرير محضر في قسم الشرطة ضد الصحافة التي يتسبب رجالها في تشتيت تركيز اللاعبين وذلك بعد التعادل المخيب للآمال الذي حققه الفريق أمام منتخب مصر بدون أهداف. ولم يختلف الوضع كثيرا مع حسن شحاته مدرب المنتخب المصري الذي يعاني من حملة انتقادات لاذعة من الصحافة المحلية التي تتهمه بزنه السبب الوحيد والمباشر في ضياع الفوز أمام المغرب بسبب التشكيل الأساسي الذي اختاره للمباراة واستبعد منه محمد أبو تريكة أفضل اللاعبين، بالإضافة إلى فشله في قراءة سيناريو اللقاء والتغييرات المتأخرة التي لم تثمر جديدا .
واكتسب شحاته المزيد من العداء مع الصحافة المحلية عندما قرر هو الآخر غلق أبواب الفراعنة أمام الإعلام ومنع دخول أي صحفي أو مصور لمقر إقامة الفريق .
ووجه فاخر أصابع الإتهام بعد المبارتين أمام الكوت ديفوار ومصر صوب بعض الصحافيين الذين يزعجونه، ويضايقونه، ويشاطره الرأي المدرب المصري حسن شحاتة الذي اشتكى بدوره من الطريقة التي يتصرف بها عدد من الإعلاميين الذين يتابعون دورة كأس الأمم الإفريقية، وربما أبلغ المدربان معا السلطات الأمنية لحمايتهما، ووضع حد لهذه التصرفات .