رؤية جديدة لتأهيل النسيج الصناعي

السبت 14 يناير 2006 - 10:49
النسيج والملابس يظلان قطاعا واعدا بالرغم من الإكراهات الجديدة

تمكن دراسة أجرتها وزارة التجارة والصناعة وتأهيل الاقتصاد من وضع تصور مندمج للتنمية في المجال الصناعي خلال السنوات المقبلة.

وترتكز الاستراتيجية على محورين رئيسيين متكاملين : أولهما الرفع من مستوى تنافسية النسيج الصناعي الحالي وذلك بدون إقصاء أي قطاع، و ثانيهما استهداف القطاعات الواعدة التي من شأنها أن تشكل القاطرات الأساسية للدفع بعجلة النمو "المهن العالمية للمغرب".

وتروم الدراسة وضع أهداف مرقمة وفق مؤشرات على المدى القصير المتوسط والطويل و تحديد الإشكاليات الكبرى والعراقيل الهيكلية التي تعوق تنمية القطاعات الواعدة، مع إبراز الإمكانيات الجديدة التي تمنحها اتفاقيات التبادل الحر التي وقعها المغرب مع بعض شركائه من جهة، وتحديد بشكل قطاعي البنيات المستهدفة، من جهة ثانية، من أجل مقاربة أفضل في مجال النهوض بالاستثمارات الوطنية والأجنبية، في إطار العمل على عقلنة الموارد المرصودة لتنفيذ الاستراتيجية و تطوير نظام يقظة لتتبع التحولات العالمية في المجال الصناعي، من خلال وضع آلية مبنية على مؤشرات.

وحددت الدراسة مقاربة تواصلية تسعى إلى إشراك الفاعلين وانخراطهم في بلورة الرؤية الجديدة وهيكلة سياسة التسويق في مجال الاستثمار والتصدير .

وجرت في ثلاث مراحل، الأولى اهتمت بتشخيص المشاكل التي تعاني منها الصناعة الوطنية والإمكانيات التي تتوفر عليها مع تحديد المعطيات و ذلك على المستويين العام والقطاعي، لتخلص إلى تحليل التطور الزمني لأهم المؤشرات الماكرو اقتصادية الناتج الداخلي الخام والصادرات واليد العاملة، بالنسبة لجميع الأنشطة الصناعية المدروسة، و كذا أهمية كل نشاط على حدة، إضافة إلى تحليل تطور حصص صادرات كل نشاط في السوق العالمية و إنجاز ملفات قطاعية من أجل تحديد أهم معيقات تطور النسيج الصناعي، كما جرت مقارنة المغرب مع عينة من 12 دولة، مشكلة من ثلاث مجموعات : "المجموعة المنافسة" مكونة من تونس ومصر والأردن وتركيا ورومانيا والسنغال.

في حين و"المجموعة التي يطمح المغرب إلى بلوغ مستواها الاقتصادي"وتتكون من جمهورية التشيك والبرتغال وماليزيا"، فيما تتشكل »مجموعة الصفوة« من إسبانيا و كوريا الجنوبية، ومجموعة من الدول الآسيوية .

وتجدر الإشارة إلى أن هذه المقارنة الأولية جرت بالنظر إلى عوامل التنافسية الصناعية حيث تم اعتماد 12 عاملا للتنافسية و 102 مؤشرا.

وفي مرحلة ثانية جرى استنتاج مستويات التنافسية النظرية لكل قطاع من خلال ترجيح أهمية كل عوامل التنافسية المذكورة.

كما مكنت هذه المقارنة من تحديد القطاعات التي يتوفر المغرب فيها على امتيازات بارزة
وفي السياق نفسه، حللت التوجهات الكبرى التي فرضتها العولمة والنمو المتسارع لبعض الدول الآسيوية و تأثيرها على النسيج الصناعي الوطني.

كما درست إمكانية مناولة بعض الأنشطة من أوروبا إلى المغرب، وكذا تصنيع بعض المواد الجاهزة أو ذات التقنية وتكنولوجية متقدمة.

فيما خلصت الدراسة ذاتها في مرحلة ثانية"مرحلة التشخيص" من كون النسيج الصناعي المغربي يتسم بالهشاشة وضعف مستوى التكامل والتكتل مقارنة مع العوامل التنافسية والإمتيازات لا تبرز تفوق المغرب بالمقارنة مع الدول المنافسة، بيد أن هناك إمكانية تحسين مستوى تنافسية المغرب شرط المثابرة على بذل المجهودات اللازمة، لتبقى التوجهات القطاعية بالنسبة للمغرب نسبيا إيجابية رغم النمو المتسارع لبعض الدول الآسيوية و ذلك شريطة وضع مقاربة جديدة للتنمية تكون مستهدفة و إرادية.

ومن ناحية أخرى خلصت الدراسة إلى ضرورة نهج سياسة صناعية واضحة الأهداف من شأنها تطوير القطاعات الواعدة، والعمل على تأهيل النسيج الصناعي بصفة عامة مع التركيز على قواعد صناعية جديدة، من خلال بلورة استراتيجية تتمحور حول أربع ركائز، إذ يتعلق الأمر بكل من التطوير الإرادي للمهن الجديدة في ميدان ترحيل الخدمات، واحداث مناطق صناعية حرة متخصصة في المناولة وموجهة بالأساس للتصدير نحو أوروبا، وتأهيل القطاعات التي تشكل حاليا الدعامة الرئيسية للصناعة الوطنية ولاسيما الصناعة الغذائية و الفلاحية والنسيج والصناعة التقليدية و قطاع تحويل مواد الصيد، فضلا عن تسريع وتيرة تأهيل النسيج الصناعي بشكل عام.

على أنه خلال المرحلة الثانية أجريت دراسة شاملة و معمقة لهذه المحاور، باستثناء قطاع النسيج الذي تتوفر الحكومة على استراتيجية مسبقة لتطويره، وفي هذا الصدد خلصت دراسة للقطاع الأخير إلى توصيات أساسية همت ثلاثة محاور : الأول تحسين طرق إنتاج مواد الصيد الشاطئية يهدف الرفع من القيمة المضافة حتى يعزز المغرب مكانة الريادة في هذا النشاط، وتطوير إنتاج مواد الصيد المجمدة بعد تحويلها، عن طريق تأمين تزويد الوحدات بكميات كافية وذات جودة عالية، وإضفاء قيمة مضافة أكبر على المواد ذات القيمة الرفيعة كبعض أنواع السمك الطري بتحسين فعالية أنظمة التوزيع و تنويع مصادر التزود بالمواد الأولية.

ومن شأن تطبيق الاستراتيجية المقترحة في هذا المجال أن تسفر عن زيادة في القيمة المضافة يتوقع أن تبلغ بين 3 و4 ملايير درهم و خلق 35 ألف منصب شغل مباشر، في أفق 2013 .




تابعونا على فيسبوك