227 امرأة تفقد حياتها سنويا أثناء الوضع بالمغرب

الخميس 15 يونيو 2006 - 15:34
البروفيسور محمد مكيل

يتوفى عدد كبير من النساء الحوامل أثناء الولادة في المغرب نتيجة عدد من الأسباب المباشرة وغير المباشرة.

ويأتي على رأسها إصابة الحوامل بنزيف حاد مباشرة بعد الولادة، ويحتاج إنقاذ حياتهن لتدخلات جراحية، أو لتعويض الكميات الضائعة من الدم من خلال اللجوء إلى أسلوب حقن الدم.

ويأتي المغرب في مقدمة مجموعة من الدول التي ترتفع فيها نسبة وفيات الأمهات بنزيف حاد، وذلك بنسبة 46 في المائة، تليه أميركا بنسبة 30 في المائة وكندا بنسبة 29 في المائة، ثم فرنسا بنسبة 20 في المائة، ومصر بنسبة 24 في المائة.

وحسب إحصائيات المنظمة العالمية للصحة، يتوفى سنويا 515 ألف امرأة حامل بسبب الإصابة بنزيف بعد الولادة.
ولمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع، التقت »الصحراء المغربية« البروفيسور محمد مكيل، رئيس قسم الإنعاش بقسم الولادة بمستشفى ابن رشد بالدار البيضاء، وأجرت معه الحوار التالي.

٭ تعرف أغلب أقسام الولادة بمستشفيات المغرب تسجيل حالات وفيات كثيرة بسبب تعرض المرأة الحامل لنزيف أثناء الولادة

ـ يبلغ عدد وفيات النساء الحوامل عند الولادة في المغرب، 227 حالة وفاة في كل 100 ألف زيادة حية في السنة الواحدة، وذلك حسب إحصائيات 2003 - 2004 .
والمغرب بذلك يعرف ارتفاعا ملحوظا في نسب وفيات النساء أثناء الولادة بسبب الإصابة بنزيف حاد، مقارنة بنسب الوفيات المسجلة أثناء الولادة بدول أوروبا.

ويلاحظ من خلال الأرقام المذكورة أن النسب المسجلة في المغرب تفوق 20 مرة تلك المسجلة في باقي الدول المتقدمة. ولتوضيح ذلك تعرف فرنسا 10 في المائة من عدد النساء المتوفيات أثناء الولادة عبر العالم، فيما يسجل في بريطانيا 11 حالة وفاة في كل 100 ألف زيادة جديدة.

وأشير إلى أنه رغم المجهودات المبذولة لخفض عدد الوفيات أثناء الولادة، لا يزال التحدي مطروحا، ويحتاج إلى العديد من الحلول الناجعة.
فما بين سنة 1987 وسنة 1992 بلغ عدد وفيات الحوامل أثناء الولادة في المغرب، 331 حالة وفاة في كل 100 ألف امرأة حامل، وانخفضت هذه الحالات إلى 228 حالة وفاة ما بين سنة 1992 وسنة 1997 وإلى 227 حالة وفاة حسب آخر إحصاء لسنة 2003-2004.

٭ متى يمكن القول، من الناحية الطبية، أن المرأة تعرضت لنزيف أثناء الوضع؟

ـ أولا يجب التأكيد على أن النزيف الحاد الذي تتعرض له الحامل أثناء الولادة يكون مفاجئا لا منتظرا، لكن يمكن التحكم فيه طبيا،وتجنب المآسي التي تنتج عن ذلك كفقدان المرأة لحياتها، إذا ما كان التدخل سريعا وجرى بالكيفية المطلوبة ونفذ في الزمن المناسب.

ويتوصل الطبيب المولد أو المنعش إلى أن المرأة الحامل تعاني نزيفا دمويا حادا بعد الولادة، حين تكون كميات النزيف تفوق 500 مللتر خلال 24 ساعة بعد الوضع.

٭ ما الأسباب الكامنة وراء ظهور النزيف؟ ـ واقعيا هناك العديد من الأسباب وراء حدوث النزيف، منها أسباب مباشرة وأخرى غير مباشرة. ومن الأسباب المعروفة حول تعرض الحامل لخطر نزيف أثناء الوضع أو ساعات بعد ذلك، عدم خضوعها لحصص مراقبة الحمل مرة واحدة كل ثلاثة أشهر، هنا يمكن الحديث عن مدى توعية الحوامل بأهمية مراقبة حملهن.

ومن الأسباب غير المباشرة، هو مدى توفر المؤسسات الصحية بمناطق وجود هؤلاء النساء، أو قربها منهن وسهولة الوصول إلى هذه المؤسسات، ومدى توفر المواصلات وبالبنية الطرقية.

كما أن وصول الحامل إلى المستوصف أو المستشفى الإقليمي يطرح موضوع مدى توفره على بنية استقبالية في المستوى، وتوفره على الإمكانات البشرية والطبية، التي ستقدم لها الخدمات الضرورية إن قبل الولادة أوبعدها.

وأذكر أن الوفاة بسبب النزيف يأتي في المرتبة الأولى لمسببات وفيات النساء الحوامل أثناء الوضع في المغرب، ويأتي بعدها تعرضهن للتعفنات بنسبة 15 في المائة، وفي المرتبة الرابعة تأتي إصابتهن بفقر الدم، وذلك بنسبة 6 في المائة، وبسبب الصرع بنسبة 1 في المائة، كل ذلك مشاكل يجب أخذها بعين الاعتبار .

٭ كيف يمكن ضمان انقاذ حياة المرأة من موت محقق بعد إصابتها بنزيف؟ وما شروط نجاح ذلك؟

ـ من بين أهم الطرق الوقائية لتفادي مضاعفات ومخاطر النزيف عند الحامل أثناء الوضع، يشترط حضور الطبيب المولد والطبيب المختص في الإنعاش والتخدير، وكل أعضاء الفريق الطبي في غرفة العمليات.

كما أن التدخلات الطبية لوقف النزيف تستوجب توفرالمستشفى على مختبر مصغر لإجراء التحليلات الطبية، إلى جانب قربه من مركز لتحاقن الدم أو أحد فروعه، ليأخذ منه الدم بالكميات اللازمة التي يحتاجها إنقاذ حياة المرأة حسب الحالات.

وإن توفر مثل هذه الشروط من شأنها إعطاء حظوظ أكبر لبقاء المرأة على قيد الحياة
فمثلا من بين ثلاثين ولادة في اليوم تجرى بقسم الولادة بمستشفى ابن رشد في الدار البيضاء، نصادف حالات ولادة مصحوبة بمشاكل صحية، من بينها تلك التي تعاني فيها المرأة نزيفا بعد الوضع.

ونظرا لكثرة عدد هذه الحالات، فإن القسم يتوفر على فريق طبي متكامل يداوم الحضور 24 24 ساعة، ومستعد للتدخل في الحالات الخطرة.
فقسم الولادة بمستشفى ابن رشد يتوفر على طبيبين مختصين في الإنعاش والتخدير في أوقات الحراسة 24 ساعة على 24 ساعة، وعلى 6 أطباء مختصين في الولادة، إلى جانب فريق من المولدات، ورغم ذلك نواجه صعوبات بسبب عدد الولادات المتوالية والمتعددة، وتلك التي تأتي في حالة صحية صعبة أو حرجة.

وأريد أن أركز على أمر مهم، من خلال هذا المنبر، وهو أن المرأة عليها أن تعلم أن الحمل هو عبارة عن حالة تحول فيزيولوجي، ممكن أن تظهرخلاله أو عند الولادة مضاعفات صحية، كارتفاع الضغط الدموي أو وقوع نزيف دموي حاد، ولو في الحالات التي تكون فيها الحامل في صحة جيدة .

لذلك يجب الحرص على زيارة الطبيب المختص مرة كل ثلاثة أشهر وأسبوعا قبل الولادة، وهي الزيارة القبلية التي تعتبر من الأهمية بمكان.
كما يجب أن يكون الوضع في المستشفى وليس في المنزل، وبعد الولادة من المفروض تمتيع المرأة بحسن الاستقبال وتمكينها من الرعاية الصحية اللازمة.

ولا بد هنا من أن أستحضر مثال دولة سيريلانكا التي تعتبر من بين الدول النامية، التي بذلت سياسة إنجابية مهمة مكنتها من خفض نسبة وفيات النساء أثناء الولادة بسبب النزيف، من 900 حالة ضمن 100 ألف، إلى 90 ضمن 100 ألف حالة ولادة حية.




تابعونا على فيسبوك