يعتبر الاهتمام بالمآثر التاريخية والحرص على حماية معالمها من بين أبرز الأسس التي تنادي بها عدد من المنظمات والهيئات الحكومية، على اعتبار أن حماية القلاع والحصون التاريخية وإعادة الاعتبار لها يشكل إحدى الأسس الرئيسية للمحافظة على الهوية المغربية.
تشكل قصبة بولعوان بإقليم الجديدة، إحدى أهم المراكز الأثرية المغربية، إلا أن هذه المكانة ظلت وعلى مر السنين الماضية حبيسة رفوف وجلسات الخطابات الرسمية والندوات المتعلقة بالمحافظة على المآثر التاريخية
ويشكل الإهمال والتهميش الذي تتخبط فيه قصبة بولعوان، نموذجا صارخا لما تعانيه عشرات المآثر التاريخية بالمغرب من إهمال، لن يساهم إلا في تقزيم الهوية الحقيقية لهده المآثر وإتلاف أجزاء كبيرة من معالمها، كان بالإمكان تداركها عبر فتح أوراش إصلاح حقيقية تعيد الاعتبار لهذا الموقع الأثري، اللهم إذا استثنينا بعض الإصلاحات الخجولة التي قامت بها وزارة الثقافة خلال الثمانينات بمدخل القصبة، في حين شكلت الترميمات التي سبق وأن قام بها مجلس بلدي، إحدى صور العناية بالمآثر التاريخية داخل المنطقة بالنظر إلى أن الترميمات المذكورة استعمل فيها الاسمنت، إلى طمس عدد من معالم بناء تاريخي، كان من المفترض أن يرتبط ترميمه بخصائص معمارية وعمرانية، تفرض تدخل اختصاصيين ومختصين في البناء القديم والهندسة المعمارية الأثرية، التي تتميز بها هذه القلاع والحصون
والزائر حاليا لقصبة بولعوان يقف عند هول التدمير الذي لحق بها، إذ دمرت أزيد من 80 في المائة من المعالم الأثرية للقصبة
وفي الوقت الذي اعتبر فيه عزالدين كارا مدير مركز التراث المغربي البرتغالي بالجديدة أن قصبة بولعوان، ذات الثقل التاريخي، لا تطرح مشكلا تقنيا من حيث ترميمها، بالنظر إلى عدد الدراسات التقنية التي أجرتها المصالح المختصة حولها، فقد اعتبر أن المشكل الرئيسي يرتبط بارتفاع تكاليف الترميم، وغياب مصادر التمويل، مشيرا في الوقت ذاته إلى ضرورة وضع برنامج مشروع تنموي متكامل بالمنطقة يتم من خلاله ضمان إعادة الاعتبار للقصبة، وجعل المنطقة ككل قطبا سياحيا وثقافيا أساسيا داخل خريطة السياحة المحلية والوطنية
أسست قصبة بولعوان من طرف السلطان المولى إسماعيل سنة 1714 الموافق لـ 1122 هجرية، على الضفة اليسرى لنهر أم الربيع على بعد 87 كيلومتراً جنوب شرق مدينة الجديدة في اتجاه مدينة سطات، وفوق هضبة صخرية حيث مازالت القصبة متمركزة، محصنة بسبعة أبراج، والقصبة عبارة عن عمارة مستطيلة ومحصنة بسبعة أبراج على شكل معقل، اتجاهها من الشمال الشرقي الشمالي نحو الجنوب الغربي الجنوبي، وتنتهي من الجهة اليمنى بدرج آمن يسمح بالوصول من داخل القصبة إلى شط النهر في الأسفل، حيث مازالت هناك بقايا مسبح وعلى الواجهة الرئيسية باتجاه الجنوب الغربي الجنوبي هناك مدخل فخم مبني بالحجر المنحوت الجميل، عليه زخرف مقروء بالخط العربي المغربي مازال صامدا لحد الآن، النصر والتمكين والفتح المبين لمولانا إسماعيل المجاهد في سبيل رب العالمين أيده الله ونصره على يد واصفه سعيد بالله الموفق السيد أبو عثمان إلياس سعيد بن الخياط وفقه الله عام 1122 ه.
يقول الباحث إسماعيل خياطي في ورقة حول القصبة، التي ينتصب بفنائها الداخلي برج كبير يناهز علوه ثماني أمتار، وعدد من المطامير التي كانت تستعمل في خزن الحبوب، ويشكل المسجد والصومعة إحدى أهم بنايات القلعة، بالنظر إلى محافظتهما على بعض من معالمها إلى جانب بقايا مسبح بالواجهة السفلية للنهر.
من الممكن و حسب عدد من المهتمين، أن يشكل موقع قصبة بولعوان، عمودا فقريا لمنتوج سياحي دكالي متميز يعتمد أساسا على القيمة التاريخية والمعمارية للقصبة، في حين تشكل المناظر الخلابة المحيطة بها إحدى الدعائم الممكن استثمارها لجعلها قبلة سياحية، على اعتبار أن وجود عدد من الهضاب والتلال والنهر والغابة، إلى جانب معلمة تاريخية، يندرج ضمن أهم الخصائص التي تجعل من الموقع المذكور مركزا مهما وقطبا سياحيا، إلى جانب ما تتميز به منطقة بولعوان من رياضتي الصيد بالسلوقي والصيد بالصقر، اللتان تشكلان إحدى أهم خصائص المنطقة من بين ربوع المناطق الوطنية الأخرى
وهما الرياضتان القادرتان على أن تساهما في خلق حركية سياحية، و أن تشكلا عمودا فقريا لمنتوج سياحي دكالي متميز يعتمد أساسا على الثقافة و العادات المحلية إلى جانب القيمة التاريخية والمعمارية لقصبة بولعوان التي تحتاج إلى وقفة تأمل وإلى عناية خاصة تستوجب إعادة الاعتبار لها.