خرجت التنظيمات النسائية عن صمتها، وأدلت بصوتها في الجدل الدائر حول التحضير لتغيير القانون الانتخابي، ووحدت كلمتها في الدفاع عن مشاركتها في صنع القرار السياسي، بتوسيع تمثيليتها في البرلمان إلى ثلث المقاعد .
وترجمت 34 جمعية نسائية من مختلف نواحي المغرب هذا المطلب بصورة عملية الأسبوع المنصرم، مع ولادة تكتل نسائي جديد، ، على شكل تنسيقية واسعة، تحمل اسم"حركة من أجل ثلث المقاعد للنساء في المؤسسات المنتخبة في أفق المناصفة".
وقال بلاغ صادر عن الحركة، توصلت "الصحراء المغربية" بنسخة منه، إن الهدف من هذه التنسيقية، هو الترافع لدى المسؤولين السياسيين والأحزاب، لضمان حصة مشرفة للنساء في البرلمان، قبيل استحقاقات 2007 .
وقامت لجنة المتابعة المنبثقة عن الحركة حتى الآن بصياغة مذكرة مطلبية، لرفعها إلى الحكومة والأحزاب السياسية وأعضاء الفرق البرلمانية، وتسطير خطة مرافعة لأجرأة المطالب قبل صدور القوانين التنظيمية للاستحقاقات المقبلة، ومراسلة الوزير الأول، إدريس جطو، ووزير الداخلية، شكيب بن موسى، ومختلف الأحزاب السياسية الوطنية، كما اجتمعت نهاية الأسبوع الماضي مع العديد من البرلمانيات.
وتطالب الحركة، في مذكرتها، بنبذ نظام الاقتراع الأحادي بالأغلبية، الذي قالت إنه لا يوفر أي حظوظ للنساء، إضافة إلى تشجيعه للعديد من الخروقات.
وبالمقابل، تؤكد على ضرورة الإبقاء على نمط الاقتراع اللائحي بالتمثيل النسبي، وتعزيزه بمجموعة من الإجراءات التقنية، التي تمكن من تحسين أدائه.
كما توصي المذكرة بتضمين القوانين، التي سيجري تعديلها، عدة إجراءات تؤمن سبل حصول النساء على ثلث مقاعد المجالس المنتخبة على الأقل، وبالتنصيص على"ألا يقل عدد الأشخاص المنتمين إلى نفس الجنس عن ثلث العدد الإجمالي لمجموع الأعضاء في المؤسسات المنتخبة".
وتطالب الحركة كذلك بالاستناد على مقاربة النوع وإدماجها في كل مراحل العملية الانتخابية.
وتستند التنسيقية في تحريك هذا الملف قبيل انتخابات 2007، إلى ما اعتبرته استمرار ضعف التمثيلية السياسية للنساء وبطئها، رغم تنصيص المواثيق الدولية المصادق عليها والقوانين الداخلية على المساواة في التمتع بالحقوق السياسية بين الرجال والنساء، وكذا تراجع رتبة المغرب على المستوى الدولي من 62 إلى 92، إذ أن معدل التمثيلية العالمي أصبح يقارب 17 في المائة، كما أن المغرب انحدر إلى الرتبة 4 على المستوى العربي، بعد العراق، وتونس، وسوريا، في ما يخص تمثيلة النساء في المجالس التشريعية.
وتلاحظ التنسيقية أن ضعف التمثيلية السياسية للنساء ليس مرتبطا فقط بنمط الاقتراع، ولكن بالثقافة السياسية ككل، إذ أن قرار معايير الترشيح للاستحقاقات يرجع إلى الأحزاب السياسية، التي تختلف ثقافتها الديمقراطية من حزب لآخر .
وتضيف أن المعيقات المتعددة والمركبة، التي يواجهها العمل الحزبي بالمغرب، يتطلب تجاوزها توفر الدولة على رؤية واضحة حول التمثيلية السياسية للنساء، ووضع استراتيجية متكاملة، تهم كل المستويات، بما فيها الاستحقاقات التشريعية والجماعية والغرفة الثانية.
وتبني إجراءات تشريعية ومؤسسية ملزمة لكافة الفرقاء السياسيين.
وتحذر الحركة من أن إجراء اللائحة الوطنية لا يتوفر على القوة الإلزامية للأحزاب السياسية، التي اكتسبها في ظروف التوافق السياسي، وقد يقع تجاهله مع مرور الوقت، أو أن تشكل نسبة 10 في المائة من المقاعد في مجلس النواب سقفا يحد من المشاركة السياسية للنساء.
وهو ما يقتضي ضمانات قانونية واضحة وملزمة وتؤاخذ الجمعيات المنضوية في التنسيقية الجديدة تغييبها عن المشاورات العديدة التي تجري حاليا بين وزارة الداخلية والأحزاب السياسية بشأن إعداد الصيغة النهائية لمدونة الانتخابات، إذ تنظم هذه اللقاءات دون إشراك مكونات المجتمع المدني، وبالتحديد الجمعيات النسائية، التي تشتغل عن قرب في مسألة التمثيلية السياسية للنساء في المؤسسات المنتخبة.
وتؤكد المذكرة ضرورة أن يراعي مشروع مدونة الانتخابات المساواة بين الجنسين، التي ينص عليها الدستور صراحة ولفظا في فصله الثامن "الرجل والمرأة متساويان في التمتع بالحقوق السياسية".
وأن يعمل القانون، هو الآخر على إذابة الاعتقاد بأن المجال السياسي مجال ذكوري، من خلال صياغة تتوجه إلى الرجال والنساء بالحديث عن : المواطنين والمواطنات، المرشحين والمرشحات.
وفي ما يتعلق بمسألة تمويل الأحزاب السياسية، أثناء الاستحقاقات، يجب مراعاة معيار التمثيلية النسائية في الترشيحات لمختلف الاستحقاقات، ومعيار المقاعد النسائية المحصل عليها، في تحديد نسبة من الغلاف المالي للنهوض بالتمثيلية النسائية، كما هو معمول به في العديد من الدول.