أحالت مصالح الشرطة القضائية بآسفي بداية الأسبوع الجاري على أنظار الوكيل العام بمحكمة الاستئناف المسمى (هشام خ) المزداد سنة 1986 بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، في حق التلميذة (أمال ظ)، المزدادة سنة 1987 الطالبة بالسنة الثانية بكالوريا شعبة الكهر
كان هشام يدرس رفقة أمال في المستوى الثامن بمرحلة الإعدادي بمنطقة مول البركي
ومنذ اليوم الأول لرؤيته إياها، وقع في حبها ومع توالي الأيام أصبح متيما بعشقها يهيم بها ليلا ونهارا، يفكر فيها باستمرار، وكان يتألم كثيرا كلما عاد للواقع، وهو أن حبه الكبير هذا لايستطيع أن يتقاسمه مع محبوبته، ليبقى حبه حبيس أنفاسه وحبا من طرف واحد ورغم ذلك استمر هشام وفيا لحبه تجاه أمال، دون أن يتجرأ يوما على كشف ما يكنه اتجاهها من هيام.
حاول أن يعبر لها في مرات عديدة عن مشاعره، إلا أنه لم يتمكن من ذلك، فاكتفى بتتبع تنقلاتها وتحينه لفرص قد تجمعه بها ليتجاذب معها أطراف الحديث حول دراستهما أو ما يروج في محيط المنطقة القروية التي ينتميان إليها.
لم تتوفق أمال كثيرا في مسارها الدراسي، فانتقلت إلى مدينة آسفي لمواصلة الدراسة هناك، فيما بقي هشام بمنطقة مول البركي لكنه لم يستطع تحمل فراق محبوبته، فواضب على دراسته، ليتوفق في تحصيله العلمي، وكان له ذلك، واستطاع أن ينتقل إلى مدينة آسفي لمواصلة مساره الدراسي وهذه المرة أكثر تعلقا وشوقا لرؤية حبيبة قبله الوحيدة.
مباشرة بعد حلوله بالمدينة، بادر هشام إلى الانتقال صوب ثانوية الخوارزمي من أجل لقاء أمال، وكله أمل في أن تدرك حقيقة حبه لها، إلا أنها كانت عادية جدا، وقابلته كاي صديق سبق ودرس معها.
استغرب هشام تصرف أمال، وأدرك أنها لم تستوعب بعد حبه الكبير تجاهها فقرر مصارحتها بحقيقة مشاعره وحبه القوي لها تفاجأت أمال من كلام صديقها وزميلها في الدراسة، لكنها لم تعره أدنى اهتمام، وطالبته بأن يجعل علاقتهما مجرد صداقة عادية لا غير.
وهو الأمر الذي لم يرقه، وتناسلت في ذهنه العديد من الأسئلة، فكيف له أن يظل صديقا عاديا لإنسانة أحبها بجنون، وواضب في دراسته وترك عائلته الصغيرة لأجل ملاقاتها والدراسة إلى جانبها؟ أسئلة كثيرة لم يجد لها جوابا، وأمام اصرارها على عدم تقبل مشاعره وحبه الجارف، قرر قطع صلة أي علاقة يمكن أن تجمعه بها في المستقبل.
إلا أن وجوده كنزيل داخلي بثانوية الخوارزمي التي تدرس بها أمال جعله يفشل في نسيانها ووجد نفسه مطوقا بحبها، فحاول لمرات عديدة تأكيد حبه لها والتعبير عن مشاعره تجاهها، لكن أمال لم تستطع أن تجاريه في ذلك أو تبادله الحب تكرار محاولات هشام والازعاج الذي بدأ يسببه لها داخل الثانوية، بسبب إلحاحه المستمر على أن تبادله مشاعر الحب، جعلها تخبره بتقدم شاب لخطبتها، في محاولة منها لثنيه عن مطاردتها.
كان وقع خبر الخطوبة على هشام كالصاعقة، ولم تتخيل أمال للحظة أن هذه الكذبة البيضاء، ستضع حدا لحياتها.
اشتعلت نيران الغيرة في قلب هشام، كتم غيضه أمام محبوته التي بدت فرحة بخطبتها، وعزم الانتقام منها لكونه اعتبر ذلك تلاعبا بمشاعره وخيانة لحبه الكبير طيلة غيابه عن الدراسة يوم الحادث، لم يكن يشغل بال هشام سوى كلمات أمال، و جحود حبه لها، فعزم على التخلص منها في أسرع وقت ممكن.
سارع إلى سوق عزيب الدرعي ومن هناك اقتنى سكينا، وبادر إلى التوجه صوب ثانوية الخوارزمي متتبعا تحركات أمال التي كانت منشغلة رفقة زميلاتها بقاعة المراجعة، ما مكنه من التسلل إلى داخل جناح الفتيات حيث اختبأ بأحد المراحيض متحينا فرصة الاستفراد بها، ولم تمر سوى دقائق قليلة حتى كانت أمال وزميلاتها اللواتي يشاركنها المبيت قد استعدن للنوم قبل أن يتفاجئن بهشام يقتحم الغرفة حاملا سكينا.
أرغم صديقاتها كريمة وسكينة ودهب على مغادرة الغرفة، وشرع في توجيه طعنات بشكل هيستيري إلى جسد أمال التي لم تكن لتقوى على صده، فوجدت نفسها تسقط صريعة مضرجة في دمائها، بعد أن تلقت تسع طعنات في الظهر وثلاث بالكتف الأيسر وطعنة بالعنق من الجهة اليمنى وطعنة على مستوى القلب، بالإضافة إلى جرح غائر على مستوى اليد اليسرى، في حين غادر هشام موقع الجريمة، مقتنعا بفكرة واحدة، وهي تخلصه ممن اعتقد أنها خدعت قلبه وخانت حبه، ومستعيدا لكرامته التي اعتقد أنها أهدرت بسبب تعلقه بفتاة تلاعبت بمشاعره بل وستصبح من نصيب شخص آخر.
أثار مشهد أمال وهي مضرجة في دمائها، التي أخفت ملامح سروال رياضي وقميص أبيض صبغت الدماء لونه، صراخا هيستيريا لزميلاتها اللواتي سقطن مغشيا عليهن من هول مشهد جريمة البشعة.
أخبرت عناصر الشرطة بوقوع الجريمة، فنقلت الضحية أمال إلى المستشفى، في حين تمكنت الشرطة من اعتقال المتهم هشام بعد الاستماع لشهادات زميلاتها الثلاث وطوال مراحل التحقيق معه، ظل هشام مكتفيا بالتأكيد على سبب واحد لارتكابه الجريمة الانتقال لكرامته دون أن يدرك فداحتها وظلمه لفتاة بريئة لم تستطع أن تتجاوب مع حبه.
أعادت عناصر الشرطة بآسفي، تمثيل الجريمة وجسد هشام المتهم فصولها بكل هدوء، لكن هل سيستطيع المحافظة على هدوئه بعد ادراكه للسنوات الطوال التي سيقضيها خلف القضبان، بعد متابعته بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.