اتحاد المقاولات يتهيأ للإصلاح الضريبي

الأربعاء 25 يناير 2006 - 14:00
توسيع الوعاء الضريبي لم يوازيه نمو الداخلي الخام

يرى فاعلون اقتصاديون أن الإصلاح الضريبي بات أمرا حيويا بالنسبة لمستقبل المقاولة المغربية والاقتصاد الوطني عموما، بالنظر للثقل الذي باتت تشكله الضرائب المتعددة على نشاط المقاولة وعدم تماشيها مع متطلبات التنافسية من جهة، وللأهمية الخاصة التي تحتلها الضرائب

في هذا الاطار، أعلن الاتحاد العام لمقاولات المغرب مؤخرا عزمه تنظيم يوم دراسي حول نظام الإصلاح الجبائي الذي سبق للوزير الأول أن أعلن عنه في وقت سابق بأن قال"سنة 2006 ستكون سنة الإصلاح الجبائي".

وبرأي الاتحاد، فإن أهمية هذا اليوم الدراسي تتمثل في محاولة "تحليل نقاط القوة والضعف في النظام الجبائي وعرض التوصيات بغية التأسيس للبنات إصلاح ضريبي يكون في مصلحة كافة الأطراف"، على حد تعبير حسن الشامي رئيس الاتحاد.

ونظرا لاستعجالية الإصلاح كشرط ضروري لرفع التحديات التي يطرحها تحرير الاقتصاد الوطني، فقد بات في رأي رجال الأعمال المغاربة تحويل الآلية الجبائية الى آلية للسياسة الاقتصادية من أجل اطلاق الاستثمار وتشجيع الادخار وتنمية الصادرات.

ولضمان اسماع صوتهم وتبليغ مقترحاتهم في الإصلاح المرتقب، جرى تشكيل فريق عمل من داخل لجنة الجبايات والمقاولة لاعداد أرضية للتفكير، تضم في عضويتها ممثلي عدد من الفيدراليات القطاعية وممثلين عن الاتحاد الجهوي لسوس ماسة، بغية إنجاز دراسة حول النظام الجبائي المغربي ، تختتم بتوصيات توجه للسلطات الحكومية.

وحسب مسؤولي الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي أصبح شريكا أساسيا للحكومة في تفعيل التنمية الاقتصادية، فإن اليوم الدراسي المرتقب سيقترح تحليل النظام الجبائي الوطني من خلال مختلف مكوناته ومقارنته مع الأنظمة الجبائية للبلدان المنافسة للمغرب.

كما ينكب على أسئلة التدابير الاستعجالية الواجب اتخاذها على مستوى جباية المقاولات المتوسطة والضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الشركات والجباية المحلية وتوسيع الوعاء الضريبي، وبصورة أخص العلاقات ما بين الإدارة الجبائية والفاعلين الاقتصاديين.

وحسب مذكرة الاتحاد حول أسس الإصلاح الجبائي، فإن النظام المغربي مازال يعرف عددا من النقائص تهم بالأساس غياب تفكير شمولي حول الجبايات خارج اكراهات قوانين المالية.

كما سجل الاتحاد وجود ما اسماه بـ "التراجع المسجل في المكتسبات الضريبية "بالنسبة للمقاولة خلال السنوات الاخيرة، والتردد في مواجهة مطالب قطاعات اقتصادية برمتها، من قبيل النظام الجبائي الخاص بالتعليم الخاص والقطاع الصحي.

وسجلت المذكرة الارتفاع المستمر في الوعاء الضريبي بمعدلات مهمة دون أن يوازيها ارتفاع في الناتج الداخلي الخام، حيث يتجاوز الوعاء الضريبي بشكل كبير ما يترقبه القانون المالي، منتقدة بالمناسبة "غياب اي عمل جدي يسعى لتوسيع الوعاء الضريبي".

وبرأي الاتحاد العام ، فإن الاصلاح الجبائي، لن يجري إلا من خلال رؤية شاملة للمالية العمومية، ومساءلة سياسة النفقات العمومية والمديونية وسياسة الدعم, وتحديد الاعفاءات التي تشمل الضرائب المباشرة، مسجلا في هذا الاطار كون الإجراءات الحكومية الخاصة بالمقاولات الصغرى والمتوسطة تظل لحد الساعة "محتشمة".

ويبقى مشكل ادماج القطاع غيرالمهيكل في النظام الضريبي، أحد المداخل الاساسية من اجل توسيع الوعاء الضريبي، الا ان تحقيق هذا الهدف يظل في رأي هيئة ارباب العمل غير ممكن بسبب غياب برنامج منسجم للادماج في القطاع العصري، كم تطالب المذكرة بمراجعة الضرائب بالمناطق الحرة، وضعها في مستوى المعايير الدولية.

وبخصوص الضريبة على الشركات، يرى الاتحاد أن الإصلاح يجب ان ينصب على مستويين، الاول يهم الاعفاء الجزئي من هذه الضريبة بالنسبة للارباح المحولة الى راسمال ، والتي لا تتجاوز 2 مليون درهم، وتخفيض معدل الضريبة من 35 % الى 30 % ، على غرار ما هو معمول به في الدول المنافسة للمغرب مثل تركيا التي خفضت المعدل من 30 % لى 20 %.

وتظل الضريبة على الدخل ضريبة "معقدة وتمارس ثقلها بالاساس على الاجور، مما يطرح إعادة هيكلة سلمها وتخفيض معدل هامشها" بشكل مستعجل، حيث يقترح الاتحاد مراجعة نظام الحصص الحالي ووضع سقفه في نسبة 53 % بالنسبة للأجورالتي تفوق 120ألف درهم، من أجل تاطير أفضل للمقاولات الصغرى والمتوسطة.

ويهدف التعديل، حسب المذكرة المنشورة في العدد الأخير من نشرة الاتحاد الى الاقتراب من انجازات بعض البلدان المنافسة للمغرب في المجال الضريبي، من قبيل تونس التي تطبق معدل 35 % بالنسبة للأجور التي تفوق 350000 درهم.

ولم يفت الاتحاد وهو يتفحص النظام الضريبي المغربي، أن يسجل المفارقة بين خطاب المسؤولين حول توفر الإرادة لمراجعة سياسة الإعفاء الضريبي، وواقع الحال الذي لا يعرف اي تخفيض في الضغط الضريبي، في الوقت الذي اصبحت فيه الضريبة عنصر تنافسية تستعمله العديد من الدول لجلب المزيد من الاستثمارات.

وتبقى الضريبة على القيمة المضافة بمثابة المفتاح الضروري لتحديث النظام الضريبي، وفي هذا الصدد ، فإن هذه الضريبة تأتيي من تعدد الاعفاءات والمعدلات، مما يجعلها ضريبة لإعادة التوزيع على غرار الضرائب المباشرة، في الوقت الذي تكمن مهمتها في تحصيل المداخيل, ولذلك تبقى في نظر الاتحاد، إحدى الاليات الفعالة للإصلاح والتي لا تمارس ضغطا على المقاولة.

ولم يفت الاتحاد التوقف عند الضرائب المحلية، مطالبا باعادة بنائها على أساس الوضوح والتبسيط والشفافية والعلانية، من خلال اتخاذ اجراءات تستهدف التخفيض من عددها وتبسيط قواعد تحصيلها وملاءمتها مع الإجراءات الضريبية للدولة.




تابعونا على فيسبوك