يعتبر مرض الهيموفيليا من الأمراض الوراثية المزمنة، تتسبب في نزيف مستمر، ينتج عن التعرض لأبسط الإصطدامات أو الجروح.مرض يكلف ميزانيات ضخمة، كما يطرح معاناة نفسية، تفرضها مضاعفاته الصحية. حول هذا الموضوع، حاورت " الصحراء المغربية "البروفيسور حبيبة الحاج خليف
٭ نظمتم أخيرا لقاء طبيا حول مرض الهيموفيليا، ما تعريفكم للداء بشكل مبسط؟
ـ الهيموفيليا، مرض وراثي يساهم في عدم تختر الدم . والشخص المصاب به يفتقد لمكونات جينية، هي المسؤولة عن جعل دم الإنسان يحافظ على مستوى تختره، عكس تجلط الدم الطبيعي الذي يحدث نتيجة اعتماد الجسم على تفاعل العديد من العناصر الموجودة في الدم، ويطلق على هذه المكونات إسم عوامل التجلط "les facteures«. وفي غياب هذه العوامل، يستمر النزيف، ولا يتوقف إلا بحقن المصاب بالعامل الذي يفتقر إليه جسمه.
ويتعرض المريض بالهيموفيليا للنزيف لأبسط الإصطدامات، كأن يسقط على الأرض أو يتعرض لرضوض أو جرح خلال ممارسته لأنشطته اليومية.
وقد يصاب المريض بالنزيف التلقائي دون حدوث جرح أو ارتطام، ويحدث هذا النزيف نتيجة حركة سريعة أو غير محسوبة، وهو ما يحدث للمرضى أثناء النوم.
والهيموفيليا نوعان "أ"و"ب"، النوع الأول من أكثر أنواع المرض شيوعا، وسببها افتقار دم المصاب للعامل 8"8 facteur "، أما هيموفيليا "ب"، فيتسبب فيها نقص في العامل التاسع "9 facteur 9".
٭ هل من السهولة الحصول على العوامل المساعدة على تجلط الدم؟
ـ هي عوامل سهل الحصول عليها لتوفرها ولعرضها للبيع في مراكز تحاقن الدم المغربية
لكن صعب الحصول عليها في الآن نفسه، لارتفاع ثمنها الذي يفوق قدرة جل إن لم أقل كل المعنيين بالمرض.
وحتى أوضح من أين تأتي هذه العوامل، أقول أنها منتجات تحضر من بلازما المتطوعين بالدم بعد خضوعه لسلسلة من عمليات عزل الدم الملوث بفيروسات معدية، والبعث بها إلى أحد المختبرات الفرنسية لاستخراج عوامل التخثر.
كما تصنع العوامل إصطناعيا بواسطة الهندسة الوراثية، وتعطى للمصاب عن طريق حقنها في الوريد.
٭ كم تبلغ تكلفة العوامل بنوعيها الثامن والتاسع؟
ـ ثمنها للأسف باهض جدا، إذ تكلف حقنة واحدة من فئة 500 وحدة ألفين و300 درهم
وحتى تتضح التكلفة الحقيقية لعوامل التجلط، أشير إلى أن إجراء عملية خثان لمريض بالهيموفيليا، يتراوح سنه بين أربع وخمس سنوات، تكلف خمسون ألف درهم لشراء العوامل، دون احتساب النفقات الأخرى.
أما إذا تعرض المصاب لنزيف في المفاصل أو العظلات نتيجة اصطدامه بشيء ما، فتصل التكلفة إلى عشرة ملايين سنتيم، وتصل إلى مليونين لإيقاف نزيف خلع ضرس واحد من فمه. والمحزن في الموضوع، أن الهيموفيليا هي مرض مزمن يرافق المصاب مدى حياته
٭ أكيد أن العديد من الأسر المعوزة لا تقو على تحمل نفقات المرض
كيف تواجهون الأمر كأطباء وجمعويين؟
ـ صحيح أنه تواجه أولياء وآباء المصابين مشاكل مادية في الحصول على هذه المواد، لكن نحاول قدر الإمكان تمكين المصابين منها.
وأذكر أن الجمعية المغربية للمصابين بالهيموفيليا، قدمت مجانا كميات من هذا الدواء للمصابين تقدر قيمتها الاجمالية بثمانين مليون سنتيم خلال سنة 2005.
وهو مبلغ وإن بدا للبعض أنه ضخم، يبقى هزيلا لأنه لا يفي بحاجيات أربعة أو خمسة أطفال تعرضوا لحادثة سير أو اصطدامات كبرى، وأصبحت أوضاعهم تحتاج التدخل العلاجي لإيقاف النزيف الذي تعرضوا له.
٭ هل يمكن القول إن ارتفاع تكلفة العوامل كانت السبب وراء الإقبال على البلازما لعلاج مرضى الهيموفيليا رغم المضار الصحية التي يمكن أن تتسبب فيها؟
ـ حاليا، يتلقى العديد من المغاربة علاجاتهم ضد المرض بواسطة البلازما، إلا أنه من الناحية الطبية أفضل عدم إستخدامها لما تنطوي عليه من مخاطر، إذ يساهم العلاج بالبلازما في نقل العدوى بأمراض خطيرة من قبيل السيدا والتهابات الكبد الفيروسية.
ومن المشاكل التي تعترضنا في الدار البيضاء، كون مادة البلازما تباع للمرضى خلافا لباقي مستشفيات المغرب الأخرى، لذلك نطالب من مركز تحاقن الدم من هذا المنبر، التدخل لتقديم المادة مجانا للمحتاجين إليها في إطار تكافؤ فرص العلاج أمام جميع المرضى.
٭ ما العمل إذن؟
ـ وسيلتنا الوحيدة دعوة المجتمع المدني للمساهمة في توفير العوامل أو البلازما التي يحتاجها مرضى الهيموفيليا، والتقرب من المرضى للتعرف على الصعاب التي تواجههم يوميا في صراع من أجل البقاء وحياة أفضل.
فالجمعية المغربية للمصابين بالهيموفيليا تحتاج إلى تبرعات المواطنين ومساندتهم المعنوية.
ولمن رغب في تقديم العون لأحد المصابين الاتصال بالأرقام الهاتفية التالية : 29/27/49/022 أو على الرقم 54/11/23/037
٭ هل من سبل وقائية يمكن للشخص اتباعها للتقليل من حالات النزيف الحادة التي يحتاج خلالها إلى كميات كبرى من العوامل أو البلازما؟
- يجب على والدي الطفل اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمنع أو تقليل حدوث النزيف بمجرد تشخيص الحالة.
إذ يجب اختيار اللعب الملساء اللينة وغير الخشنة والتي ليس لها أطراف حادة، وحشو ملابس الطفل بحواجز من قماش، إذا كان يقع ضحية الإصطدامات المتكررة، وتوعية المصاب وزملائه بطبيعة المرض الذي يشكو منه، مع الاهتمام بتنظيف الأسنان لتفادي نخرالأسنان أو تسوسها لأن من شأن إهمالها حدوث أمراض في اللثة تساهم في وقوع نزيف.
هذا ويجب أن يحرص المصاب على مزاولة أنشطة رياضية لا تؤذي المفاصل ولا تعرضه إلى مخاطر الإصابة في الرأس أو العنق.