إلى المحرر

الإثنين 23 يناير 2006 - 14:41

زمن الوصاية الأميركية

بعد أن استخدمت الولايات المتحدة الأميركية ذريعة واهية لاحتلال العراق مشابهة لذريعة احتلال فرنسا للجزائر عام 1830، تساءل المحللون السياسيون عن مدى"قابلية الشعب العراقي للاستعمار الجديد".

لقد كانت واشنطن تعرف أن الرئيس صدام حسين لا يملك أسلحة دمار، وما كان يتوفر عليه كانت لجان التفتيش قد تمكنت من تدميره، لكن رغم ذلك ظلت واشنطن تؤكد أنه يتوفر على كميات يخبئها عن لجان التفتيش.

وبعد تفجيرات 11 سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطن، عادت فاتهمت النظام العراقي بمساندة »جماعة طالبان الإرهابية«، واتخذت من فقدان ما تبقى من تلك الأسلحة ذريعة لغزو العراق، بعد ان اعتبرت نظامه يشكل تهديدا مباشرا لأمن الأميركيين، أينما وجدوا

لقد مارست الإدارة الأميركية الكذب، بشكل مبرمج ومدروس، لخداع الأميركيين والعالم، وأضعاف دور الأمم المتحدة التي وقفت عاجزة عن ردعها عن ارتكاب حرب غير مبررة على الاطلاق.

وأصيب العالم بالذهول من جراء انهيار النظام العراقي بشكل دراماتيكي، واختفاء قادته، والشلل الذي أصاب قطاعاته العسكرية ومؤسساته المدنية
ومن أجل ترسيخ الاحتلال العسكري الأميركي للعراق سارع صقور الإدارة الأميركية إلى العمل على نقل الحرب الى الدول المجاورة له تحت ذريعة أن أسلحة الدمار الشامل يمكن أن يكون قد جرى نقلها إلى سوريا.

لقد بات واضحا أن من الأهداف الأساسية للاحتلال الأميركي للعراق : اقامة قواعد عسكرية ثابتة على أراضيه، وتغيير نظامه السياسي بالقوة، وتحويله الى دولة منزوعة السلاح ومحرومة من التسلح ومن بناء جيش قوي وإجبار نظامه الجديد الذي تشكل تحت رعاية الإحتلال، والوصاية الأميركية المباشرة على إبرام صلح مع اسرائيل وإقامة علاقات ديبلوماسية كاملة معها.

لكن تغيير النظام العراقي بالقوة ليس سوى مدخل لتغيير أوسع قد يطول دول النظام الإقليمي العربي بكاملها، من طريق الترهيب العسكري أو »الاقناع« السياسي
ومن المنتظر ألا تتوقف سيطرة الأميركيين عند حدود الدول العربية، بل قد تتوسع لتطول ايران وغيرها، ما لم تسارع دول العالم إلى وقف هذه الهجمة الاستعمارية الأميركية المنفلتة من جميع الضوابط.

تجدر الاشارة هنا الى أن الدول المنتجة للنفط بدأت تتخوف جديا من سيطرة قوى التحالف الاستعماري الجديد على نفط العراق لعقود طويلة.

فالسيطرة على آبار النفط كانت من أبرز الأهداف الاستراتيجية في الهجوم الأميركي على العراق واستغلال نفطه لإخضاع منظمة الدول المنتجة للنفط، وإعاقة نسب النمو الاقتصادي والانمائي في كثير من دول العالم، خصوصاً في الصين ودول الاتحاد الأوروبي
ويتخوف كثير من المحللين من ان تعتبر الولايات المتحدة نفسها وصيا مطلق الصلاحية في السيطرة على ايرادات العراق لسنوات طويلة، ومنها الموارد النفطية والمائية والمعدنية، وذلك لضمان توفير الأموال اللازمة لبناء مشروعات اعادة البناء وفق مخطط اميركي معد سلفاً لهذه الغاية .

وهو يهدف الى ضمان المصالح الاستراتيجية الأمركية في منطقة الشرق الأوسط لفترة طويلة الأمد تقوم على احكام السيطرة العسكرية المباشرة على العراق، وتشكيل حكومة مرتبطة بولاء مطلق مع واشنطن تنحصر مهماتها في الأمور الداخلية فقط، ويضعها الأميركيون وجهاً لوجه مع الغضب الشعبي المتزايد على الاحتلال والمتعاونين معه
وسيستخدم الأميركيون سلاح النفط العراقي في معارك تطول منظمة الأوبك ومعها عمليات التنمية الاقتصادية في كثير من الدول النامية والمتطورة.

هذا بالاضافة الى التهويل بنموذج السيطرة على العراق لارهاب جميع الدول العربية والاسلامية المجاورة والعمل على اخضاعها مباشرة لمخطط اميركي طويل الأمد يهدف الى اعادة صياغة حدود منطقة الشرق الأوسط وفق استراتيجية أميركا الثابتة في تعزيز موقع اسرائيل في النظام الشرق أوسطي الجديد، واطلاق يدها لتصفية القضية الفلسطينية، واجبار الفلسطينيين على الانتحار الطوعي.

ختاماً، أبرزت الحرب الاحتلالية الاميركية على العراق تطورا خطيرا في مسار العولمة على المستويين السياسي والاقتصادي
فقد ظهر نزوع أميركي حاد لاستخدام القوة العسكرية بدل النظم السياسية السابقة التي قامت عليها -عصبة الأمم- في نهاية الحرب العالمية الأولى، والأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية

لكن تجاهل أميركا للأمم المتحدة وإصرارها على اعلان حربها على العراق من خارج مؤسساتها قد يتحول الى أزمة عالمية تنهي دورها .

أما على الجانب الاقتصادي، فهناك أربع دول نفطية كبرى هي الآن تحت الرقابة الأميركية المباشرة، أي المملكة العربية السعودية، والعراق، والامارات العربية المتحدة، والكويت
وهي تمتلك احتياطيا من النفط يشكل على التوالي 24.9 في المائة، 10.7 في المائة، و9.3 في المائة، و9.2 في المائة من اجمالي احتياطي البترول في العالم
فاحتياطي هذه الدول الأربع مجتمعة يشكل 54.1 في المائة من اجمالي احتياطي النفط العالمي.

وذلك يسمح لأميركا بالسيطرة على اسواق النفط بصورة مباشرة وفاعلة
وهي عازمة على استخدام سلاح النفط العربي لرسم معالم السياسة الدولية في عصر العولمة وبناء العصر الأميركي الجديد.

وبسبب تخلف الأنظمة العربية وسوء ادارتها لمواردها الطبيعية، ليس من شك في أن الشعوب العربية في القرن الحادي والعشرين هي أكثر من سيدفع سلبيات السيطرة الأميركية على ثروتهم النفطية.

مصطفى الإدريسي

متى ستكشف أميركا عن أهدافها ضد إيران؟

يُخطئ من يظن أن الإدارة الأميركية تهدف من وراء تكثيف الضغط على النظام الإيراني إلى إجباره على إعلان تخليه عن برنامجه النووي بل إن هذه الإدارة تهدف من وراء ذلك ، حصر هذا النظام والتضييق عليه، كي يستعجل الإعلان صراحة عن امتلاكه لأسلحة ردع استراتيجية ومنها الأسلحة النووية.

كما أن هذا النظام الايراني أصبح يُدرك جيداً حاجته الماسة إلى هذه الأسلحة طالما أن رأسه مطلوب في كل الأحوال، ولذلك وفي ضوء هذه الظروف الدولية حيث إنقاذ النظام السوري بات يحتاج إلى معجزة إلهية وأن سقوطه يتوِج النظام الإيراني رسمياً على رأس الأهداف الأميركية، كما أن وجود أكثر من مائة ألف جندي أميركي في العراق لن يترك الرياح السياسية في هذا البلد تسير على هوى القيادة الإيرانية إلى ما لا نهاية، فإن حاجة النظام الإيراني إلى القنبلة النووية أيا كانت مواصفاتها من الناحية الفنية قد أصبحت، بالنسبة للنظام الإيراني، على ما يبدو، أشبه بـ "حاجة الكائن إلى الخبز من أجل البقاء".

يبقى السؤال الكبير عن الساعة التي ستترجم فيها أميركا أهدافها إلى حقائق، واستهداف إيران مباشرة.

عبد الرفيق متي




تابعونا على فيسبوك