تمثيلية الطلبة في الجامعات تتحول إلى جسد بلا روح

الإثنين 27 مارس 2006 - 11:19

عندما نضع عملية حسابية بسيطة لمعرفة حجم تعاطي الطلبة مع المنظمات الموازية أو مجالس المؤسسات الجامعية، بالقياس مع الاستجابة التلقائية أو المفروضة للطلبة لنداءات المقاطعة والاحتجاج، نجد أن هناك بون شاسع.

يوحي بأن هناك تناقض سارخ بين الإطار الطلابي الذي يعتبر ضمنيا ممثلا أو ممثلين للطلبة والطلبة ذاتهم كأشخاص معنويين، إذ أن هناك نسبة قليلة من طلاب الجامعة من تكون لها حضور وازن في هياكل الإطار الطلابي، فيما النسبة الأكبر تكون مشاركتها باهتة أو منعدمة.

ويظهر ذلك من خلال انتخاب ممثليهم في مجالس المؤسسات الجامعية إلى درجة أنه إذا سألنا بعضا منهم عن اسم الطلبة الأعضاء في مجالس الكلية أو الجامعة التي يدرسون بها، سيكون جوابهم سلبيا، وذلك راجع بالأساس إلى غياب ثقافة التمثيلية وجهلا للتفاصيل الدقيقة حول أهمية إشراك الطلبة في بلورة وتفعيل الإصلاح الجامعي، سواء عبر تشكيل جبهات للتصدي إلى الاختلالات والدفع بالملفات المطلبية عبر وسائل نضالية مختلفة للتحسيس بها انطباعا رئيسيا أو من خلال المساهمة من داخل مجالس المؤسسات لتجذير هذا الدور، وبهذا الخصوص يؤكد لنا أحد الطلبة، على أن "المشكل المطروح في سياق هذا الطرح، هو عدم معرفة الطلبة عموما بأهمية الأدوار التي يضطلعون بها من جهة، ومن جهة ثانية طغيان المقاربات السياسية المحضة على العديد من الفصائل الطلابية إلى درجة تجعل الطالب المسكون بهوس الدراسة والتحصيل لا غير، يبتعد من حومة التلابز والصراع، ليستكين إلى ذاته".

وأبرز محدثنا كذلك، "أن غياب ثقافة تدبير الاختلاف جعل الفصائل الطلابية لا تنجح إلا في توليد الحروب الجانبية بين بعضها البعض، الشيء الذي لا يكون في صالح إدارة الجامعة، ويجعلها بالتالي تلعب على هذه التناقضات".

ومن جانبه أضاف خالد سعدون "أن هناك انطباعا رئيسيا لدى البعض، مفاده أن الانخراط في الإطار الطلابي الجامعي أو في مجالس المؤسسات لن يكون له أي تأثير على المسار التعليمي، ولن تكون له أي مكتسبات جذرية لأن الممثلين لن يكونوا سوى مؤثثين للمشهد الجامعي رغم أنهم كاملو العضوية ووجودهم نسبي بالنظر إلى نسبهم القليلة".

ويرجع أحمد الوافي ذلك إلى عدم التزام الوزارة أو الجهات المسؤولة في الجامعة بإجراء حوارات مباشرة مع ممثلي الطلبة التي لها شرعية قانونية بشكل يجعلها مخاطبا رئيسيا، ورفضها التجاوب مع ممثلي الطلبة يبرز نية الوزارة في إبطال مفعول المشاركة الطلابية في تدبير الشأن الجامعي، وتعويض ذلك باختيار أو انتداب غير معلن لمن يمكن أن يتماشوا مع طرح الجامعة وتصوراتها بعيدا عن الضغط واستعمال قوة الاحتجاج والمقاطعة لتليين مواقف الجامعة، وهذا ما يمكن أن يستشف يقول إسماعيل باعدي، في الملتقيين اللذان نظما أخيرا لممثلي الطلبة تحت إشراف وإدارة الجامعة للنقاشات، فركوب الوزارة على هذه الموجة هدفها توجيه الأشرعة وجهتها، نحو تبني سياستها وإقناع الطلبة بالمنظور الذي تراه مناسبا للإصلاح الذي تنشده، بهدف ترسيخه كتوجيه للآراء التي يجب تبنيها في مجالس الجامعات التي يشكل الطلبة رؤوس أقلامها الحقيقية من منظور الميثاق الوطني للتربية والتكوين.

وفي السياق ذاته، أكد لنا مراد بومجدي أن المجالس عادة تختار بعناية وبدقة من طرف إدارة الجامعة عبر تدخلاتها الجانبية، لقطع الطريق على الأطراف شديدة المواقف، وهذا ما يجعل حسب محدثنا، الإصلاح الجامعي لا يلقى تأييدا من طرف القاعدة الممثلة في الطلبة، لأن الذين يتداولون في هذا الشأن لا يمتلك بعضهم قوة التأثير في الإدارة الرسمية، وإخضاعها إلى منطق الواقع الذي لا يرتفع عليه إنه أمام هذه اللخبطة في تدبير الشأن الجامعي والتعامل مع الإصلاح سيفقد هذه المؤسسة التعليمية السامية، أدوارها في إنتاج أدمغة وطاقات فاعلة، قادرة على سبر أغوار التحديات الكبرى التي يطرحها عالم اليوم، وسنكون بذلك أمام جسد بلا روح.




تابعونا على فيسبوك