تجربة النساء مع العنف السياسي مابين 1956 و1999

عقاب من طرف السلطة والمجتمع

الأحد 26 مارس 2006 - 12:08

"على الأقل يمكن للرجال الذين قضوا وقتا بالسجن وتعرضوا للتعذيب أن يسموا العنف الذي مورس عليهم أما نحن فسجنا وعذبنا بطرق لا تسمى", تقول إحدى النساء, ضحايا العنف السياسي في المغرب خلال الفترة الممتدة ما بين سنة 1956 و1999 في شهادة مستقاة من الدراسة الكيفية ا


وتعكس هذه الشهادة بشكل جلي خصوصية العنف السياسي الذي تعرضت له المرأة والذي أدت ثمنه غاليا سواء خلال تجربة العنف بكل معاناتها وآلامها أو بعدها بكل جراحها وآثارها.
وتكشف هذه الدراسة الحديثة، التي جرى تقديمها خلال لقاء نظمته هيئة الانصاف والمصالحة يوم الثلاثاء حول موضوع "نتائج عمل هيئة الانصاف والمصالحة وتوصياتها بخصوص النوع والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان".

"أن العديد من النساء صرحن بأن الرجال في عائلاتهن يمكنهم من وصف ما تعرضوا له من تعذيب وبذلك يجري الاعتراف بمعاناتهم في حين أنه في حالة النساء فقد وصفن بأن ما عشنه أسوأ من التعذيب ولايجدن له إسما، فحسب شهادتهن لم يجر قط الاعتراف بما عانينه".

وحسب الدراسة، فإن أفراد عائلة بعض النساء اللواتي تعرضن للاعتقال "تحاشوا الكلام عن موضوع اعتقالهن وتعذيبهن وأرادوا التظاهر بأن شيئا لم يحدث" مما ساهم في "زيادة وتعميق إحساسهن بالعزلة والذنب والعار أحسسن بالوحدة في صراعهن كن يشعرن باختلال ما في حياتهن".

واعتبرت الدراسة أن "عملية الشفاء عند هاته النساء ستبدأ بتسمية العنف والاعتراف به وجعله ظاهرا وتبيان ما عانينه وعشنه كنساء" مضيفة أن "الصمت الجماعي حيال حياتهن لا يزيد إحساسهن بالظلم والعزلة إلا عمقا ويحملهن أعباء ثقيلة لا ضرورة لها"
وتنقل الدراسة عن معتقلة سياسية سابقة قولها "إن تواجدنا هنا اليوم هو علاج في حد ذاته .

عبرنا واستمعنا إلى بعضنا البعض لقد هدأنا بعضنا البعض وأصغينا إلى بعضنا البعض كيف أعبر عن هذا الشعور أنه صعب للغاية أن نجد من يفهمنا حتى في ما بين نساء مثلنا نادرا ما تجد من يستمع بشكل كلي لما لديك قوله أو يشعر بما تشعر به".

وتؤكد هذه الدراسة التي أنجزتها ست باحثات مغربيات في علم الإجتماع والتي شملت مناطق فكيك والناظور والحسيمة وخنيفرة وإيملشيل والعيون.

أن أعدادا مهمة من النساء تعرضن خلال الفترة الممتدة بين1956 و1999 للإحتجاز والتعذيب والاستنطاق والتحرش والاهانة والإرهاب النفسي كما تم تجريديهن من حقوقهن
وتقول إحدى الضحايا "أثناء تواجدي بالمعتقل كانوا يضربونني وينزعون عني ملابسي ونادرا ما يسمح لنا بارتداء بعض الملابس ولو خفيفة، ولكن في غالب الاحيان كنا نحرم من ارتداء الملابس ونترك عاريات".

كما أن مشاهد الاغتصاب والاعتداء الجنسي، تضيف الدراسة، "كانت تقع بشكل متكرر في المعتقل وعاشت النساء في خوف من الاعتداء الجنسي "الذي يبقى جزءا أساسيا من تجربتهن داخل السجن".

وترصد الدراسة الآثار والجراح التي خلفتها تجربة العنف السياسي على حياة النساء مشيرة إلى أن هذه الاثار "لاتعد ولا تحصى، فبالإضافة إلى آثار العنف السياسي المعروفة كالآثار الجسدية والنفسية فقد عانت النساء بشكل خاص كنساء" والتي تعبر عنها بشكل بليغ إحدى الضحايا من خلال شهادتها التالية : "أي حياة ستعيشين عندما تفقدين زوجك؟ فقدت حياتي الزوجية .

أعدم زوجي وأنا في العشرين من عمري ففقد أطفالي والدهم وضاعت بذلك حياتهم لولا مساعدة أبي وأخي في تربيتهم لقد عشنا تحت الصدمة وصحتي الان في حالة متدهورة من جراء التعذيب والمعاناة، اضطرت إلى إجراء عملية جراحية لقد نبذت من طرف المجتمع
كان الكل يخاف مني ونادرا ما زارني أفراد العائلة".

وتخلص الدراسة إلى أن النساء، ضحايا العنف السياسي، "عوقبن من طرف السلطة والمجتمع وأن هذا العقاب من طرف مؤسستين بالغتي القوة هو أحد خصائص تجربة النساء مع العنف السياسي".

وقد شملت الدراسة نوعين من المشاركات : الضحايا "المباشرين" وهن النساء اللواتي اعتقلن واحتجزن واستنطقن وعذبن لأسباب سياسية" والضحايا "غير المباشرين" وهن النساء اللواتي عانين بسبب روابطهن العائلية مع معتقلين سياسيين من كلا الجنسين وتتكون هذه المجموعة من أمهات وزوجات وبنات واخوات ضحايا العنف السياسي وتضم كذلك بنات الاخوة وبنات العم والعمة وبنات الخال والخالة.

وأكدت الدراسة على أن أصناف التعذيب والإهانة التي كانت تتعرض لها النساء ضحايا الانتهاكات الجسيمة ترتكز على النوع والجنس إذ كن ينادين بـ "بالعاهرات واللقيطات والمنحلات والفاجرات" و"كن يتركن عاريات بالخارج تحت رحمة البرد في أشهر الشتاء أو تحت لهيب الشمس في فصل الصيف بلا ماء أو ما يحميهن من الحر، كما كن يحرمن من ارتداء الملابس في المعتقل".





تابعونا على فيسبوك