كبلها وهوى على رأسها بضربات

اعتقال قاتل جدته ومعذبها بعد سنة ونصف من حدوث الجريمة

الأربعاء 15 مارس 2006 - 11:56

أحالت عناصر المجموعة الرابعة بالفرقة الولائية الجنائية بولاية الأمن في الدار البيضاء، نهاية الأسبوع الماضي، على أنظار الوكيل العام بمحكمة الاستئناف في الدار البيضاء، متهما بقتل جدته منذ سنة ونصف السنة تقريبا والقيام بسرقات موصوفة متعددة بمنطقة الحي الحسني

تعودت زهرة سيدة تجاوزت عقدها الستين، أن تستقبل بين الفينة والأخرى أحفادها بمنزلها بمنطقة سيدي عثمان في مدينة الدار البيضاء، خاصة أحفادها من ابنها القاطن بمدينة اليوسفية. بنت وولد اسمه خالد. كان هذا الأخير دائم التردد على جدته التي تغدق عليه من مالها وتمنحه ما يرغب به. ترك خالد دراسته في سن مبكرة جدا، شاب حاد الطباع ويحب خوض المجهول والمجازفة.

أدمن تناول المخدرات خاصة حبوب الهلوسة، وبسببها دخل إلى السجن عدة مرات. اعتبرت جدته أنه يمر بفترة طيش ومراهفة، لهذا كانت تحنو عليه وتطالبه بزيارتها دوما.

قبل خمس سنوات، دخل إلى السجن وحوكم بثمانية أشهر حبسا. وعند مغادرته السجن، حمل خالد حقائبه وغادر مدينة اليوسفية نحو الدار البيضاء، ليقيم مع جدته ويبحث عن عمل.

بعد أشهر كثيرة من البطالة، حصل خالد على عمل بإحدى الورشات، وقضى بها ثلاثة سنوات، لكن إدمانه الشديد، جعله يطمع في أموال مشغله، فقام بسرقة مبلغ مالي مهم من الخزينة، لكن مشغله أبلغ عنه السلطات واعتقل بعدها وعاد للسجن مرة ثانية.

بعد قضاء المدة الحبسية، عاد للإقامة مع جدته، اقترض منها بعض المال، واشترى عربة بحصان، كان ينقل عليها الزبائن بمنطقة سيدي عثمان والأحياء المجاورة لها. لم يكن مدخوله اليومي من نقل الزبائن، كافيا ليسد احتياجاته ويكفي إدمانه.

ففكر في خطة لسرقة جدته، التي تعطف عليه وتحبه كثيرا. ولا تبخل على مساعدته من حين لآخر. أقام بمنزل الجدة ثلاثة أيام متوالية، لا يخرج للعمل، كان يود معرفة المكان السري الذي تخبئ فيه أموالها، وحين كانت تسأله عن ذلك يتحجج بالمرض.

وتسنى له أن يعرف المخبأ السري، جدته الطاعنة في السن، تخفي المال بين الأغطية، راقبها جيدا وهي تخفي مبلغا ماليا بمكان مجاور للأغطية. انتظر خروجها من المنزل، وقصد الأغطية، وهناك وجد مبلغ 3500 درهم، فسرقه دون أن يترك لها درهما واحدا، وأنفقه بالكامل على المخدرات.

اكتشفت الجدة بعد مضي مدة ليست بالقصيرة، موضوع السرقة، أخذت تصرخ وتنوح على سوء حظها، اعتقدت في البداية أن لصا دخل إلى المنزل وسرقه في غيابها، لكن شقيقة خالد التي كانت تتواجد في الفترة نفسها بالمنزل نبهت الجدة إلى إمكانية سرقة شقيقها المبلغ، هدأت الجدة من روعها وانتظرت قدوم حفيدها، وما إن ولجت قدماه البيت، حتى انقضت عليه طالبة منه إعادة المبلغ المسروق، كان خالد مخدرا لحد الثمالة، حاول الإنكار في البداية، لكن وأمام إصرار جدته على استرجاع النقود وصياحها المتواصل، خاف خالد من تجمهر الجيران خاصة أن جدته تقطن بالطابق السفلي، فضربها وأسقطها أرضا، وجلب حجارة وهوى بها على رأسها، أشبعها ركلا ورفسا، ثم كبل يديها، وعاود ركلها وضربها بقوة وهو جاثم على بطنها إلى أن لفظت أنفاسها الأخيرة.

لعبت المخدرات بعقله، ولم يدر أنه قتل جدته بل كان يعتقد أن ما فعله سيمكنه من كتم صوتها لكي لا يفتضح أمره. بعد انتهائه من ضربها، تركها مكبلة وأغلق الباب خلفه بإحكام وتوجه نحو وجهة مجهولة.

اكتشفت الشرطة جثة الجدة ونقلتها إلى مصلحة الطب الشرعي لتشريحها، وخلص التقرير إلى أن سبب الوفاة نزيف حاد، راجع للضربات القوية التي تلقتها العجوز على رأسها وفي أنحاء مختلفة من جسدها بواسطة حجارة صلبة.

ولم تكشف الشرطة القاتل ولم تتمكن من فك لغز الجريمة، رغم مرور سنة ونصف السنة تقريبا على الحادث، وفي هذه المدة وبعد علم خالد بخبر وفاة جدته الضحية، اختفى عن الأنظار، وغادر منطقة سيدي عثمان متوجها نحو منطقة الحي الحسني، وهناك بنى كوخا صغيرا من الأكوام والبلاستيك، وسط بعض المباني التي تعود أغلبها لمواطنين مقيمين بالخارج، وأقام فيه بعيدا عن الأنظار.

احترف خالد وطوال تلك الفترة السرقة من داخل تلك المنازل. إذ كان ينتظر حلول الليل، ليبدأ مسلسله في السرقة بين المنازل، يسرق كل ما يقدر على حمله بعد الولوج إلى المنزل وكسر أقفاله أو تسلق الحائط.

تعددت الشكايات أمام مصلحة الشرطة القضائية بالحي الحسني، كانت آخرها لسيدة مهاجرة بالديار الإيطالية التي تعرض منزلها للسرقة واختفاء العديد من الأجهزة المنزلية والحلي.

أحيلت الشكايات على المجموعة الرابعة بالفرقة الولائية الجنائية، التي باشرت تحقيقات وتحريات مكثفة، بداية بالاستماع إلى آخر الضحايا، وهي السيدة المقيمة بإيطاليا، هذه الأخيرة، أبلغت العناصر المحققة، أثناء الاستماع إليها، بشكوكها حول شاب »منحرف« يقطن بكوخ بالمنطقة ذاتها.

اعتقلت عناصر المجموعة السالفة الذكر، خالد وبعد التحقيق معه، اعترف بقيامه بسرقات متعددة بالمنازل القريبة من كوخه. وكانت المفاجأة، حين اكتشفت الشرطة أن خالد هو الشخص المبحوث عنه في عملية الاعتداء على جدته، بعد شهادة شقيقته وبعض الجيران بسيدي عثمان، فاعترف خالد أنه كان تحت تأثير المخدرات ولم يكن يقصد قتلها بل إرغامها فقط على السكوت وعدم افتضاح أمره بين الجيران بالمنطقة.

اختتمت الشرطة التحقيق مع المتهم ودونت اعترافاته، وأحالته على محكمة الاستئناف، متابعة إياه في حالة اعتقال بتهمة القتل العمد المقرون بالسرقات الموصوفة والاحتجاز والتعذيب.




تابعونا على فيسبوك