أعلن وزير التشغيل والتكوين المهني مصطفى المنصوري أن الحكومة المغربية رصدت غلافا ماليا بقيمة ثلاثة ملايير درهم من أجل توفير الشروط الضرورية للنهوض بقطاع التشغيل على مدى ثلاث سنوات خاصة في صفوف الشباب حاملي الشهادات.
وأوضح المنصوري في كلمة ألقاها الجمعة بمناسبة انطلاق الدورة السادسة لـ " ملتقى التكوين والتشغيل " الذي تنظمه غرفة التجارة والصناعة والخدمات بأكادير بتعاون مع مؤسسة "سوس كرافيك " أن من شأن الإجراءات التي سيتم تفعيلها ضمن الخطة الحكومية في هذا الإطار أن تساعد على تغيير العقلية النمطية السائدة في مجال التشغيل، وتفتح عوض ذلك آفاقا جديدة تيسر مهمة الإقبال على التشغيل الذاتي والاندماج في سوق العمل بالقطاع الخاص.
وأعلن في هذا السياق أن الإجراءات القانونية الخاصة بالمقاولات الصغرى قد جرى إنهاؤها، داعيا الغرف المهنية والمراكز الجهوية للاستثمار إضافة إلى المؤسسات المتخصصة في مجال القروض الصغرى إلى الانخراط في هذا المسلسل وتوفير سبل النجاح لهذا التحدي الذي من شأنه أن يخلق الآلاف من مناصب الشغل، فضلا عما سيترتب عنه من خلق للثروات والإسهام بالتالي في النهوض باقتصاد البلاد.
وذكر الوزير بالنتائج التي تمخضت عن الأيام الوطنية لـ "مبادرات من أجل التشغيل" التي انعقدت خلال شتنبر الماضي والتي شكلت نقلة نوعية على مستوى التصورات الواقعية والملموسة التي تهم إيجاد حلول مناسبة لمعضلة التشغيل وتثمين الكفاءات خاصة في صفوف الشباب من حاملي الشهادات.
وأشار في هذا الصدد إلى بعض الإجراءات التي يجري تنفيذها في الوقت الراهن ومن ضمنها على الخصوص العقدة الخاصة بأول منصب شغل الموجهة للشباب حاملي الشهادات الذين يلجون عالم الشغل لأول مرة والتي تمنح للمقاولات التي ستستقبلهم عددا كبيرا من الإعفاءات التحفيزية، وكذا الدعم المخصص للمساعدة على خلق المقاولات الصغرى والذي تتكفل فيه الدولة بضمان85 بالمائة من القروض التي تصل إلى مبلغ 25 مليون درهم لكل شاب مقاول، وبالإمكان مضاعفة هذا المبلغ في حال تعدد المقالين في إطار مشروع واحد.
كما أن هناك إجراءات أخرى، يضيف الوزير، خاصة بملاءمة التكوين مع حاجيات سوق التشغيل وذلك من خلال اعتماد تكوين يساعد على الإدماج في عالم الشغل والقطيعة مع الأسلوب التقليدي المتجاوز الذي يتأسس على مبدأ التكوين من أجل التكوين.
ومن جهته، أبرز محمد بيجعد الكاتب العام للمندوبية السامية للتخطيط في عرض بالمناسبة الوضعية الديمغرافية بجهة سوس ماسة درعة من خلال علاقتها بالأنشطة الاقتصادية وخاصيات التشغيل في المنطقة، مشيرا في هذا الإطار إلى أن عدد السكان النشطين في الجهة يصل إلى مليون و114 ألف نسمة من مجموع مليونين و128 ألف نسمة وهو مجموع عدد سكان الجهة حسب الإحصاء العام للسكان الذي أنجز سنة 2004 .
وقال بيجعد إن معدل السكان النشطين في جهة سوس ماسة درعة يصل52.6بالمائة مقابل 52.4 بالمائة على الصعيد الوطني، مضيفا أن عدد السكان المشتغلين بالجهة يصل إلى 955 ألفا و237 نسمة سنة 2003، ثم ارتفع هذا العدد ليصل مليون و28 ألفا سنة 2004، أي أن حوالي 73 ألف منصب شغل جديد تم خلقه في ظرف سنة واحدة.
من جانبه، أكد رشيد الفيلالي والي جهة سوس ماسة درعة عامل عمالة أكادير إداوتنان، أن إنعاش الشغل في المنطقة يمر حتما عبر النهوض بالاستثمار، مبرزا أن عدد المشاريع الاستثمارية بالجهة التي حصلت على الموافقة خلال السنة الماضية بلغ 255 مشروعا، فيما تصل قيمة الغلاف المالي لمجموع هذه المشاريع 6.3 ملايير درهم، أي بارتفاع بلغت نسبته 273 بالمائة مقارنة مع سنة 2004 .
وأضاف الفيلالي أن المئات من مناصب الشغل سيتم خلقها من خلال هذه المشاريع، والتي ستنضاف إليها فرص الشغل الأخرى التي سيتم خلقها في الشهور المقبلة بعد إطلاق المشروع الضخم لتهيئة محطة تغازوت السياحية، فضلا عن المشاريع الخاصة بالمقاولات الصغرى السياحية التي أعطيت انطلاقة الشطر الأول منها خلال السنة الماضية.
وركزت مداخلة جمال بلحرش المسؤول عن مقاولة خاصة تعمل في مجال الوساطة في التشغيل، على ضرورة بناء شراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال النهوض بقطاع التشغيل، مؤكدا أن هذه العلاقة يجب أن تكون مبنية على الشفافية والمصارحة.
واستعرض بلحرش المقاربات التي كانت معتمدة في ما مضى في مجال التشغيل والتي أصبحت متجاوزة اليوم ومن ضمنها على الخصوص اضطلاع الدولة بمهمة المشغل الرئيسي، بينما الواقع اليومي في الظرف الراهن يشهد على أن المقاولة هي المجال الأنسب للنمو وخلق الثروات، في حين أصبح الدور المنوط بالدولة هو خلق الشروط المناسبة للتشجع على الاستثمار وجلب رؤوس الأموال الأجنبية وتأهيل الإدارة وغيرها من الإجراءات المساعدة على توفير مرونة في القوانين التي تؤطر مجال الاستثمار والنهوض بالمقاولة.
ومن جانبه، أكد رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات سعيد ضور، على أن إدماج الشباب في سوق العمل يتطلب التفكير بعقلية متجددة تساير التغيرات الطارئة باستمرار في عالم الشغل، حيث أشار في هذا السياق إلى المبادرة التي أقدمت عليها جامعة ابن زهر بتنسيق مع الغرفة والاتحاد الجهوي لمقاولات المغرب والتي تم من خلالها تأسيس حضانة للمقاولات الناشئة بمقر المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بأكادير.
كما ذكر سعيد ضور بمبادرة مجلس جهة سوس ماسة درعة الذي خصص غلافا ماليا بقيمة 15 مليون درهم لدعم تأسيس المقاولات الصغرى العاملة في مجال السياحة القروية بمختلف أقاليم الجهة خاصة في المناطق النائية، فضلا عن العديد من المبادرات التي أقدمت عليها غرفة التجارة والصناعة والخدمات بأكادير سواء في إطار شراكة مع الفرقاء المحليين والوطنيين الفاعلين في مجالي التكوين والتشغيل، أو مع شركاء أجانب في إطار التعاون اللامركزي وبالأخص مع مختلف الهيئات التابعة لجزر الكناري.
مؤطر توزعت أشغال الملتقى على محورين رئيسيين سيتم خلالهما التطرق لعدد من المواضيع من ضمنها على الخصوص "فرص التشغيل الجديدة بجهة سوس ماسة درعة" و"المقاولة الصغيرة جدا" و"الهياكل الجهوية المرافقة لخلق المقاولات والتشغيل" و"الشبكة المحلية لدعم خلق المقاولة" و"الرصيد الجهوي لدعم الصناعة السياحية الصغيرة".
ويروم الملتقى إنعاش قطاع التشغيل وإطلاع الفاعلين الاقتصاديين على الكفاءات التي تتوفر عليها الجهة في مجال التكوين، والتعرف على حاجياتهم في مجال الموارد البشرية، وإسداء النصح والتوجيه لحاملي الشهادات الباحثين عن فرص للعمل.
وعلى هامش أشغال الملتقى، وقع كل من رومان كانديدو سيرفانتيس نائب عميد جامعة "لا لاكونا" في جزر الكناري، وسعيد ضور رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات بأكادير على اتفاقية للتعاون يتم بموجبها وضع برنامج تكويني لفائدة رؤساء المقاولات بجهة سوس ماسة درعة من أجل تطوير كفاءاتهم المهنية وتمكينهم من الآليات الضرورية للنهوض بالمقاولة.
كما جرى بالمناسبة تنظيم معرض مهني ضم أروقة لمختلف المقاولات والمؤسسات ومراكز التكوين التابعة للقطاعين العام والخاص التي لها علاقة بمجالي الشغل والتكوين سواء على الصعيد المحلي أو الجهوي أو الوطني.