كتاب موسوعي يوثق تاريخ الموسيقار محمد عبد الوهاب

الخميس 19 يناير 2006 - 15:09
محمد عبد الوهاب

في رحلة مع الغناء امتدت لأكثر من ستين عاما استطاع محمد عبد الوهاب أن يجرب معظم الأشكال الموسيقية في ألحان تلائم المساحات الصوتية لكثير من المطربين العرب سواء من خلال قصائد فصحى أو أزجال عامية إضافة إلى ما تغنى به هو نفسه .

ويسجل كتاب عن عبد الوهاب صدر بمصر ضمن "موسوعة أعلام الموسيقى العربية" أنه مجد كثيرا من الحكام العرب عبر قصائد لا تقل حرارة عن أغانيه الوطنية في نهاية الأربعينيات ومنها "فلسطين" التي كتبها الشاعر المصري علي محمود طه ويقول مطلعها "أخي جاوز الظالمون المدى فحق الجهاد وحق الفدى" .

وأدى عبد الوهاب الذي حمل لقب "مطرب الملوك والأمراء" أغنية "فلسطين" عام 1949 بعد عامين من أغنية كتبها الشاعر المصري صالح جودت ومدح فيها عبد العزيز ال سعود مؤسس المملكة العربية السعودية وملك مصر السابق فاروق معا قائلا

"يا رفيع التاج من ال سعود يومنا أجمل أيام الوجود
موكب الخير من البيت العتيد جاء يختال على النيل السعيد


أنتما عرشان في ظل الكتاب جمعت قلبيهما روح الاله


أنت والفاروق للشرق منى وعلى كفيكما أحلامنا"
وكانت "يا رفيع التاج" أول أغنية تبثها الإذاعة السعودية بعد أن كانت برامجها تقتصر تقريبا على اذاعة سور قرآنية
وصدر الكتاب في مجلدين يضمان 733 صفحة كبيرة القطع عن دار الشروق بالقاهرة ومركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي التابع لمكتبة الاسكندرية ضمن "المشروع القومي للحفاظ على تراث الموسيقى العربية" الذي تديره ياسمين ماهر عبد النور
والكتاب الذي أعدته ايزيس فتح الله حلقة في "موسوعة أعلام الموسيقى العربية" وصدر منها العام الماضي ثلاثة كتب عن أم كلثوم وسيد درويش وسلامة حجازي
ويسجل الكتاب أن عبد الوهاب الذي اعتزل الغناء في الحفلات العامة تقريبا منذ عام 1933 ظل يغني لبعض الحكام العرب حيث لحن وغنى نشيد "عرش وشعب" تحية لملك المغرب الراحل الحسن الثاني
كما لحن وغنى في السبعينيات أغنية "أجمل عروسين" التي كتبها شاعر العامية المصرية حسين السيد وسجلها عبد الوهاب "باستوديو 46 بالإذاعة بمصاحبة الفرقة الماسية بمناسبة زفاف إحدى بنات الأمراء العرب

خالد ولميا"
وغنى عبد الوهاب عام 1962 نشيد "بلدي أنت" من تأليف الشاعر المصري كامل الشناوي "إهداء لإذاعة الكويت


لحن أناشيد لكل من المغرب وليبيا والامارات وعمان والاردن والسعودية والعراق ولبنان" وتوفي عبد الوهاب عام 1991 عن أكثر من تسعين عاما حيث لم يتثبت باحث من التاريخ الحقيقي لميلاده وان رجح كثيرون أنه يدور حول عام 1900
وكان عقد الخمسينيات الاكثر غزارة في أعماله العاطفية والحماسية أيضا ومنها أغان أداها أو لحنها لغيره من المطربين يدور معظمها حول الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر مثل "يا جمال النور والحرية" و"ناصر كلنا بنحبك" و"شعب وجيش" و"بطل الثورة احنا معاك" و"عاش الجيش المصري" و"الوطن الاكبر"
وواكبت أعمال عبد الوهاب نبض الحالة العربية
فبعد حرب 1967 التي هزمت فيها الجيوش العربية واحتلت اسرائيل أراضي عربية في فلسطين والاردن وسوريا اضافة الى شبه جزيرة سيناء المصرية لحن أعمالا منها قصيدة "طريق واحد" التي غنتها أم كلثوم من تأليف الشاعر السوري نزار قباني ويقول مطلعها "أصبح عندي الان بندقية"
ويؤرخ الكتاب لكل ما يخص عبد الوهاب حتى يظن القاريء أنه كان أشبه بمدفعية موسيقية جاهزة للانطلاق نحو أي هدف باتساع الموهبة والمساحة الصوتية بين فيروز وأم كلثوم من ناحية وصولا إلى فناني الأداء الشعبي الفردي "المونولوج" مثل محمود شكوكو واسماعيل ياسين وسعاد مكاوي من ناحية أخرى
وأشار الى بروز عبد الوهاب منذ عام 1926 حين أسندت إليه منيرة المهدية أشهر مطربات تلك المرحلة استكمال تلحين مسرحية "كليوباترا ومارك أنطونيو" التي مات سيد درويش قبل إنهاء تلحين أغانيها
وفي تلك الفترة تبناه أمير الشعراء أحمد شوقي الذي كان أبا روحيا له وخصص له في بيته غرفة أطلق عليها "عش البلبل"
وسجل الكتاب أن عبد الوهاب أدى بصوته نحو 42 بالمائة من الأغاني التي لحنها في حين كان عبد الحليم حافظ صاحب النصيب الاكبر من تلك الألحان متقدما على نجاة الصغيرة وليلى مراد
أما فيروز فكان لها نصيب أصغر اذ غنت من ألحانه "سكن الليل" من تأليف جبران خليل جبران و"إلى زحلة" المشهورة باسم "يا جارة الوادي" التي غناها عبد الوهاب نفسه عام 1928 من تأليف أحمد شوقي كما غنتها أيضا اللبنانية نور الهدى 1924 1998
ولحن عبد الوهاب 79 قصيدة لشعراء عرب منهم اللبناني جورج جرداق مؤلف "هذه ليلتي" والسوداني الهادي ادم مؤلف "أغدا ألقاك" وغنت القصيدتين أم كلثوم
كما لحن 95 أغنية خفيفة ذات طابع شعبي لمؤدين اشتهروا بفن المونولوج منهم اسماعيل ياسين وسعاد مكاوي في "البوسطجية اشتكوا" و"سلامات" وفؤاد المهندس في أكثر من مونولوج منها "أنا واد خطير" ومحمد عبد المطلب ونعيمة عاكف في "اعمل معروف يا ابو عود ملفوف" وشكوكو في "يا جارحة القلب بقزازة"
ويشير الكتاب إلى شعراء غير معروفين الآن لكن كلا منهم حظي بأغنية أداها عبد الوهاب ومن هؤلاء عبد المحسن بن عبد العزيز مؤلف "لئن طال عمري" وسعد ال سعود مؤلف "أغار من قلبي" وحسين أحمد شوقي "سهرت منه الليالي" التي غناها عبد الوهاب عام 1935 في فيلم "دموع الحب"
وقال فتحي صالح مدير المركز القومي لتوثيق التراث الحضاري والطبيعي في مقدمة الكتاب إن هذا المشروع يهدف إلى "إنشاء قاعدة بيانات للموسيقى العربية يتم فيها حصر أسس وعناصر جماليات هذا الفن العظيم ثم المساعدة في نشر التراث الموسيقى العربي"
ويعنى المركز القومي بتوثيق ونشر التراث العربي بأكثر من لغة في صورة إصدارات ورقية والكترونية ومنها "إسهامات العرب في الفلك

الأجهزة والمعدات" و"إسهامات الحضارة العربية والإسلامية في العلوم الطبية" و"مصر 1920" و"كنوز الملك توت عنخ امون"
رويترز




تابعونا على فيسبوك