في اختتام المؤتمر 33 لصحافيي المغرب والأندلس بالجزيرة الخضراء

الدعوة إلى تعزيز التعاون الأمني بين المغرب وإسبانيا لمواجهة التهديدات الإرهابية

الأربعاء 21 أكتوبر 2015 - 11:17
54402
جانب من أشغال المؤتمر 33 لصحافيي المغرب والأندلس بالجزيرة الخضراء

توجت أشغال المؤتمر 33 لصحافيي المغرب والأندلس، الذي اختتمت أشغاله، أخيرا، بالمركز الوثائقي خوصي لويس كنو بمدينة الجزيرة الخضراء بإسبانيا، ببلورة توصيات تقدم أجوبة على التحديات الأمنية التي يواجهها المغرب وإسبانيا، وتدعو إلى التعاون المنفتح بين البلدين لتجفيف منابع تمويل الإرهاب.

أكد المشاركون، الذين يمثلون عددا من المنابر الإعلامية المغربية والإسبانية، على ضرورة اعتماد مقاربات تأخذ بعين الاعتبار مسألة التنمية، والحاجة الملحة لاعتماد مقاربة شمولية ترتكز على تقاسم التحديات الأمنية لمواجهة التهديدات الإرهابية التي يواجهها المغرب وإسبانيا.

وأضاف المشاركون أنه بالإضافة إلى المقاربة الأمنية في التصدي للتهديدات الإرهابية، ينبغي تطوير التزام استراتيجي وقائي على المستوى السياسي والسوسيو-اجتماعي، وكذا على المستوى الثقافي والديني، ويتعلق الأمر بدعم الاستقرار السياسي والحكامة الأمنية للبلدين الجارين.

ودعا المشاركون إلى إيقاف أي دعم للحركات المتمردة والانفصالية التي تجعل من مناطق النزاع بؤرا جديدة ومرتعا للإرهاب وللجريمة العابرة للحدود.

وأوصى المشاركون بضرورة تعزيز مبادئ الحكامة الجيدة في المجال الاقتصادي والسياسي بدول الساحل والصحراء والنهوض بدولة القانون ودعم مفهوم المواطنة لضمان نوع من الأمن والاستقرار بالمنطقة، وتقوية التعاون الدولي وتوفير الدعم الأمني والعسكري واللوجيستي بالمنطقة وتعزيز التعاون الاستراتيجي والتشاركي، من خلال وضع استراتيجية شمولية لمعالجة مشكلات الأمن والتنمية والحد من التهديد الإرهابي الذي يشكل عقبة كبرى أمام الاستقرار وجهود التنمية والازدهار لاقتصاد دول الساحل، وبلورة رؤية أمنية جماعية حول تطور التهديدات الإرهابية في دول منطقة الساحل الإفريقي.

وأشار المجتمعون، في المؤتمر الذي استمر على مدى أربعة أيام، إلى وجود علاقة وثيقة بين تجارة المخدرات والإرهاب في إفريقيا، مؤكدين على ضرورة تجفيف منابع تمويل الجماعات المتطرفة، وتكثيف الجهود الجماعية وتقوية التنسيق والتعاون العسكريين.

وشدد المشاركون على أن مسار الأمن والسلام بإفريقيا لن ينجح إذا لم تواكبه جهود هدفها الرئيسي مكافحة الفقر والنهوض بالتنمية المستدامة.

وأعرب بعض المسؤولين الأمنيين الإسبان والمغاربة عن قناعتهم بكون المغرب فاعل رئيسي لامحيد عنه لاستتباب الأمن في منطقة الساحل والصحراء، ويواصل جهوده لمواجهة هذه الآفة، مستندا في ذلك إلى استراتيجية وطنية شاملة، براغماتية ومتطورة لمحاربة الإرهاب بجميع أبعاده، مؤكدين أن المغرب قام بجهود حثيثة في المحافل الإقليمية والدولية لإيجاد حلول للأزمات التي عصفت بالمنطقة.

وأجمع عدد من المتدخلين على أن المغرب لعب دورا مفصليا، سواء في التدبير السلمي للنزاعات أو تقديم الدعم العسكري اللازم عندما يطلب منه ذلك من الحكومات المركزية، مشيرين إلى أن المقاربة المغربية لمكافحة التطرف العنيف والإرهاب التي حظيت باعتراف المجتمع الدولي، تدعوا الجميع إلى تبنيها، وتشكل مصدر إلهام لتحقيق مصالحة بين كافة الأطراف، مشيدين بدور المملكة وتوظيفه لقياداته الدينية في بعض مناطق النزاع كمالي على سبيل المثال.

وبالإضافة إلى جهود المغرب في مجال الاستقرار والأمن، سعى المغرب وفق المجتمعين في المؤتمر 33 لصحافيي المغرب والأندلس إلى تعزيز علاقاته الاقتصادية مع جيرانه من دول الجنوب وتبنى مقاربة متكاملة وشمولية تضم الجوانب الأمنية والسياسية والاجتماعية والثقافية والدينية والاقتصادية .

وحسب  خافيير مارتينيش، رئيس جمعية صحافيي مضيق جبل طارق، فإن المؤتمر 33 لصحافيي الضفتين الذي يضم صحافيين من المغرب وإسبانيا، أعطى دفعة جديدة للعلاقات المغربية الإسبانية في مجال التعاون الأمني والتحديات المطروحة عليهما في ظل التهديدات الإرهابية، واصفا موضوع هذه الدورة بالساخن، مما جعل المؤتمر يستضيف العديد من المحاضرين من ذوي الاختصاص.

من جانبه، أوضح مصطفى العباسي، رئيس جمعية الصحافيين المغاربة، أن الموضوع الذي تم الاتفاق حول مناقشته من أبعاد متعددة أي التعاون في المجال الأمني ومحاربة الجريمة المنظمة، كان في الماضي من الطابوهات، لكن التطورات الحاصلة جعلته في متناول الصحافيين، مؤكدا أن المغرب وإسبانيا حققا تعاونا غير مسبوق في مجال مكافحة الإرهاب، وتسليط الضوء على الكثير من القضايا التي تهم الجانبين وغيرها..

وأكدت إليسا غونزاليس، رئيسة الاتحاد الإسباني لجمعيات الصحافيين، بدورها، على أهمية موضوع هذه الدورة، وذكرت بالأزمة التي يعيشها الإعلام بسبب الأزمة المالية والاقتصادية التي عاشها القطاع منذ 8 سنوات، ما أثر بشكل سلبي على الحريات.

وكشفت إليسا عن اختفاء ثلاثة صحافيين إسبان بسوريا مؤخرا، الذين ذهبوا لتغطية الأحداث هناك ومازالو مفقودين، موضحة أنه لا يجب أن يتعرض الصحافي لخطر الموت من أجل الحصول على الخبر، لأنه ليس وحده معني بذلك، بل المجتمع معني ككل بهذا الأمر، وأكدت أن الصحافيين المختطفين بسوريا دعتهم المهنية والحاجة إلى السفر هناك مقابل 70 أورو للمقالة الواحدة.

ونوهت سوسانا بيريس، نائبة عمدة الجزيرة الخضراء، بالتعاون المغربي الإسباني في المجال الأمني، مشددة على أن الجزيرة الخضراء احتضنت اتفاقا بخصوص الموضوع ذاته بين العديد من الدول.

زيارة

على هامش المؤتمر 33 لصحافيي المغرب والأندلس، تم تنظيم زيارة إلى مقر بلدية مدينة الجزيرة الخضراء، إحدى المآثر التاريخية للمدينة، التي احتضنت انعقاد مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1906 لتقرير مصير المغرب كمستعمرة أوروبية، حيث قدمت للصحافيين المغاربة والإسبان شروحات بشأن هذه المعلمة التاريخية، ومؤتمر الجزيرة الخضراء الذي ترتب عنه عدد من الاتفاقات، كما تم تنظيم جولة بحرية على متن مركب في خليج الجزيرة الخضراء.

الجزيرة الخضراء في الوثائق التاريخية

الجزيرة الخضراء أو  Algeciras بالإسبانية، مدينة إسبانية تنتمي لمقاطعة قادس التابعة لإقليم الأندلس المتمتع بالحكم الذاتي، أكبر مدن منطقة جبل طارق، لها موقع استراتيجي مهم لقربها من مضيق جبل طارق، يعد ميناؤها من أكبر الموانئ في أوروبا والعالم، خصوصا من حيث الحاويات والبضائع والترانزيت.

تقع مدينة الجزيرة الخضراء، وهي أول مدينة أندلسية يؤسسها المسلمون بعد الفتح الإسلامي للأندلس عام 711، على بعد 20 كيلومترا من الشمال الشرقي لمدينة طريفا، في أقصى جنوب شبه الجزيرة الإيبيرية داخل خليج واسع يحمل اسمها ويقع على جانبها الشرقي، تبلغ مساحتها 85 كيلومترا مربعا وترتفع عن مستوى البحر بمقدار 20 مترا،  يحدها نهر بالمونيس شمالا وجدول مياه البيلار جنوبا، ومناخها معتدل، وهو مزيج من المناخ المتوسطي والأطلسي.

سنة 711، أطلق المسلمون الأوائل عند فتح الأندلس اسم الجزيرة الخضراء على هذه المدينة، وكان الاسم يشير إلى جزيرة تقع أمام الميناء الحالي ولم يعد لها وجود الآن بعد أن صارت جزءا من يابسة ساحل المدينة الحالي، واختصر الناس اسمها إلى الجزيرة، إلا أن الحاجب المنصور أبو عامر محمد بن أبي عامر ابن عبد الله المعافري المولود بأرضها فرض في القرن العاشر إعادة تسميتها بالجزيرة الخضراء.

صنفت الجزيرة الخضراء من أكبر المدن الحضرية في المنطقة وتضم بلديات لا لينيا دي لا كونسبسيون، كاستييار دي لا فرونتيرا، خيمينا دي لا فرونتيرا، سان روكي، وطريفا، وتعتبر الجزيرة الخضراء مدينة صناعية ومركز للنقل وترتبط أنشطتها الرئيسية بالميناء، وتعد بمثابة نقطة الانطلاق بين موانئ إسبانيا وطنجة وموانئ أخرى في المغرب وجزر الكناري وبين المقاطعات الإسبانية في سبتة ومليلة، وأصبحت الطريق الرئيسي للتواصل بين أوروبا وإفريقيا.

وفي سنة 859 هاجم الفايكنغ الجزيرة بغتة وعاثوا فيها نهبا لمدة ثلاثة أيام وأحرقوا مسجدها الجامع ومسجد الرايات، لكن أهل المدينة أعادوا تنظيم أنفسهم وأجبروا الفايكنغ على الفرار واستولوا على اثنين من مراكبهم، ثم أعادوا بناء المسجدين وتحصين أسوار المدينة.

تحتل المرتبة 16 في ترتيب أكثر الموانئ ازدحاما في العالم، وتشتهر المدينة بصيد الأسماك وتصدر مجموعة واسعة من المنتجات الزراعية من المنطقة المحيطة بها، بما في ذلك الحبوب والحيوانات والتبغ.

خلال السنوات الخمس الأخيرة، أصبحت الجزيرة الخضراء وجهة سياحية مهمة وتقام فيها رحلات يومية إلى مدينة طريفا لرؤية الطيور المهاجرة، ورحلات إلى جبل طارق للتعرف على المدينة وثقافتها وأيضا مشاهدة الحيتان على شواطئها.

أثبتت حفريات أثرية أن تاريخ الجزيرة يعود إلى أزمنة قديمة تصل إلى عصور ما قبل التاريخ، نظرا لأهمية موقعها الاستراتيجي والجغرافي، وتشير أبحاث إلى أن أول مستوطنة بشرية كبيرة مؤكدة في تاريخ الجزيرة هي مستوطنة رومانية في القرن الأول الميلادي، تسمى يوليا ترادوكتا، وتعني يوليا المنقولة في إشارة إلى أن جزءا من سكانها جاء منقولا من مدينتي طنجة وزيليس عقابا لهم على ثورتهم ضد الإمبراطورية الرومانية.

عانت الجزيرة الخضراء من صراع ملوك الطوائف، فتقلبت أحوالها بين حكم المرابطين ثم الموحدين، وفي 1342 قاومت لمدة عشرين شهرا حصارا من جيوش قشتالة وأراغون وجنوة بمساعدة جنود صليبيين متطوعين ودعم من ملكي إنجلترا وفرنسا ومن الفاتيكان، وسقطت أخيرا عام 1344 في أيدي ملك قشتالة ألفونسو الحادي عشر.




تابعونا على فيسبوك